الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني لا يصلي ولا يعاملني كأم .. بماذا تنصحوني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

توفي زوجي منذ 8 سنوات وأعيش وحيدة مع ابني الذي بلغ من العمر(14) عاماً ونصف.
مشكلتي هي أن ابني لا يصلي منذ عامين ولا يستمع إلى نصائحي المتعلقة بتصرفاته.
استعملت كل الوسائل ولكنها بدون جدوى.

لم أتزوج من أجله وأحبه كثيراً وأريد أن يكون مسلماً ملتزماً. هو لا يفعل أشياء خطيرة إلا أنه لا يصلي ويتفرج على التلفاز كثيراً ولا يعاملني كأم (لا يحترمني كأم).

من فضلكم ساعدوني حتى يستقيم ويؤدي الصلاة ويحترمني كأم .

لقد فعلت كل ما أستطيع من أجله، فقد كان عمري 28 عاماً لما توفى زوجي ولم أتزوج من أجله هو، وأنا متحجبة والحمد لله تعالى، شيء آخر فأنا ليس عندي أولاد آخرون، وهو يتركني لوحدي في البيت في أغلب الأوقات، كما أنني أعمل.

أجيبوني بسرعة مشكورين .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد .. حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائماً في أي وقت وفي أي موضوع، واعتبري كل من بالموقع إخوانك يسعدهم ويسرهم مساعدتك دائماً، ونسأله جل وعلا أن يثبتك على الحق، وأن يبارك فيك، وأن يحفظك من كيد شياطين الإنس والجن، وأن يعينك على تربية ولدك تربية صالحة، وأن يهديه لك، وأن يَمُنَّ عليه بطاعتك وبرك والإحسان إليك.

وبخصوص ما ورد برسالتك فالذي يبدو لي – والله أعلم – أنك أسرفت في تدليل ولدك منذ صغره نظراً لأنه وحيد ويتيم مما ترتب عليه عدم تقديره لظروفك أو حرصه على إسعادك وطاعتك، وهذه في الغالب تكون نتيجة طبيعية للدلع الزائد وعدم الإشعار بأي مسئولية حتى لو تجاه نفسه، فكل كلامه أوامر وجميع طلباته مجابه لا يوجد شيء اسمه مستحيل مهما كان صعب أو شاقاً أو مكلفاً، المهم سعادته ورضاه لا يكلف حتى بترتيب أدواته الخاصة وإنما أنت خادمة مطيعة بلا حدود إلى غير ذلك من صور الإفراط في المحبة، والنتيجة هي أنت تحصدينها من الآن رغم حداثة سنه وصغره.

لذا لابد من تغيير لطريقة المعاملة، ولكن بالتدرج مع الهدوء خطوة خطوة من قبلك قبل أن يفلت الزمام من يدك ويثور عليك ويتنكر لكل تضحية قدمتيها له، فأبدئي تدريجياً بتكليفه ببعض الأمور البسيطة مثل ترتيب سريره والمشاركة في وضع الطعام على المائدة والمساعدة ولو على سبيل المثال في كنس أو نظافة المنزل والمشاركة في شراء بعض أغراض المنزل، مع دقة المحاسبة المالية له خطوة خطوة، والصلاة معه في جماعة واجعليه هو الإمام لأنه لابد أن يكون كذلك لأن المرأة لا تصلح إماماً للرجال.

قولي له: (تعال يا محمد نصل معاً جماعة وأنت الإمام علشان خاطري)، وإذا لم يستجب أشعريه بأنك زعلانه وتوقفي عن الكلام معه ولو لفترة قصيرة، وراقبي ردة فعله كيف يكون، هل يحاول مصالحتك واسترضاءك أم لا يهتمَّ بذلك؟

لا مانع أن تكرري المحاولة في جميع الميادين، المصاريف تكون بقدر وبغير زيادة مثل غيره من مثل سنه من التلاميذ.

لا تتسرعي من الآن في تلبية جميع طلباته حتى وإن كانت ضرورية، وإنما أعطيه مهلة حتى يشعر بحاجته إليك، وعندها تستغلين هذه الفرصة لتوجيهيه ونصحه وإرشاده بهدوء.

هذا هو دورك أنت معه بالمنزل.

وهناك دور آخر لابد أن يقوم به غيرك من الأهل أو الأقارب خاصة من يحبهم أو يميل إليهم، لا تستحي، أعرضي عليهم المشكلة واطلبي منهم مساعدتك في تربية طفلك ولكن أهم شيء بهدوء وبدون توبيخ أو تعنيف أو تأنيب إلا عند الضرورة القصوى.

ابحثي عن أصدقاء مؤدبين يصلون، واربطيه بهم واعزميهم عندك في البيت على أن يكون هو الذي في الصورة، قولي له (اعزم زميلك فلان وفلان يا محمد على الغداء أو العشاء أو الشاي) مثلاً، ولا تخبريهم بشيء عنه، وإنما قولي لهم مثلاً: (لقد أذن العشاء خذ محمد معك للصلاة)، ثم اسأليه أمامه: (يا فلان هل أنت تحب أمك؟) فسيقول نعم، قولي له: (هل تسمع كلامها؟) سيقول: نعم، (هل تطيعها؟)، وهكذا حتى توصلي صورة غير مباشرة إلى ولدك، على ألا تقولي له أريدك أن تكون أحسن من فلان، لأن هذا سيجعله يكرهه ويهرب منه ولا يحبه، وإنما أبعديه عن الأصدقاء الضعاف علمياً أو سيئي الخُلق أو الذين لا يصلُّون.

بيِّني له فضل الصلاة في الدنيا والآخرة.
خذي به معك لبعض المحاضرات والندوات الشرعية مثلا.
خذي به معك في المناسبات الاجتماعية واجعلي له دور في الأسرة في حدود إمكاناته حتى لا يتمرد عليك أكثر.
أكثري من الدعاء له أمامه ومن وراء ظهره.
وإن شاء الله سوف يصلحه الله ويجعله باراً بكِ.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق في تلك المهمة الصعبة.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً