الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الهبة بهذه الكيفية غير نافذة

السؤال

الأب توفي وله ابن وثلاث بنات وهو في حياته لم يكن يكتب أي شيء باسمه أو يضع النقود في البنك باسمه بل بأسماء أولاده كان يكتب الأشياء باسم ابنه وكنا نعلم أنها لهذا الابن مثل شقة سيارة أو قطعة أرض للبناء وكان يضع مبالغ في دفاتر توفير بأسماء بناته ولكن هو وحده له حق في الإيداع والسحب وكان له أرض زراعية فأراد أن يقسمها على أولاده بالتساوي واشترى للابن أرضا زراعية أخرى وكان يوجد في المزرعة جرار وعربة باسم ابنه ولكن الأب هو وحده له حق التصرف بهما وكان الأب على فراش الموت بدون علمه . السؤال هو: هل الأشياء التي كتبت بشكل سطحي مثل العربة والجرار أو المبالغ في دفاتر توفير البنات هل كل فرد من حقه ما كتب باسمه أو تقسم حسب الشرع في حين أنه سحبت المبالغ من دفاتر التوفير للصرف على مرضه وهل أمنية الأب في تقسيم الأرض الزراعية الأولى بالتساوي فيها ظلم للابن في حين أن الابن قد اتفق مع الأب في ذلك بدون أوراق رسمية وإيراد هذه الأرض كان يتمنى الأب أن تكون لبناته ولكنه توفي قبل تحقيق ذلك وقسم الابن الإيراد للذكر مثل حظ الأنثيين نرجو الإفتاء في ذلك الأمر. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه يشترط لنفاذ هبة هذا الأب لأبنائه وبناته شرطان:

1. أن تحاز عنه الهبة حوزا شرعيا بحيث يصبح الموهوب له يتصرف فيها تصرف المالك في ملكه في حياة الواهب، وفي حال تمتعه بمؤهلات التصرف ولم يصب بمرض مخوف. أما إذا لم تتم حيازة الهبة في حالة أهلية الواهب للتصرف، فإنها لا تمضي، فقد روى مالك في الموطأ أن أبا بكر رضي الله عنه وهب لعائشة رضي الله عنها هبة ولم تقبضها حتى أصيب بمرضه الذي توفي فيه، فقال لها: إنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقسموه بينكم على كتاب الله تعالى.

2. تسوية الأولاد في الهبة، فإن تخصيص بعض الأبناء بالهبة دون البعض لا يصح على الراجح من أقوال أهل العلم. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلا أحداً لفضلت النساء. رواه البيهقي، وحسنه الحافظ في الفتح. ولما في الصحيحين عن النعمان بن بشير أنه قال: نحلني أبي نحلا ثم أتى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده فقال: أكل ولدك أعطيته هذا؟ قال: لا. قال: أليس تريد منهم البر مثل ما تريد من ذا؟ قال: بلى. قال: فإني لا أشهد. وهذا لفظ مسلم.

والظاهر أن هذين الشرطين لم يتوفر أي منهما فيما ذكرته؛ لأنك ذكرت أن الأب هو وحده الذي له الحق في الإيداع والسحب، وأنه كان يريد قسمة الأرض الزراعية بين أولاده بالتساوي، وكان وحده الذي يملك حق التصرف في المزرعة والجرار والعربة... أي أن أيا شيء من هذه الأمور لم يحز عنه.

وأنه أيضا لم يسو بين الأولاد في هذه الهبات.

وعليه، فإنها تعتبر جميعها باطلة، والواجب قسمة جميع متروكه على الفريضة الشرعية.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني