الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما على المتمتع إذا لم يصل إلى مكة إلا يوم التروية

السؤال

على القول بوجوب التمتع في الحج، إذا أحرم العبد بعمرة الحج ولم يصل مكة إلا يوم التروية قبيل الظهر، فهل يتم عمرته ولو بعد الظهر ثم ينطلق إلى منى، أم يدخل الحج على العمرة -رغم أنه لم يسق الهدي- ويصير قارنا وينطلق إلى منى مباشرة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

يجوز للحاج أن يحرم متمتعاً أو قارنا أو مفرداً ولا يجب عليه الإحرام بأحد هذه الأنساك بعينه، ويعتبر التمتع هو الأفضل عند الحنابلة، ومن أحرم متمتعاً ووصل يوم التروية فليتم عمرته ثم يذهب إلى منى، وله أن يدخل الحج على العمرة ويصير قارناً بشرط أن ينوي ذلك قبل طواف العمرة، وجواز الأنساك الثلاثة هو مذهب جمهور الفقهاء ويرى بعض أهل العلم وجوب التمتع على من لم يسق الهدي ولو أحرم بإفراد أو قران وهو مذهب ابن حزم الظاهري فعلى قوله يجب إتمام العمرة هنا متمتعاً ولا يجوز غير ذلك.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن التمتع في الحج ليس واجباً بل هو أحد الأنساك الثلاثة المعروفة وهي: التمتع والإفراد والقران وكل منها مجزئ، والتمتع هو الأفضل عند الحنابلة ومعناه أداء العمرة والحج في سفر واحد، بشرط أن يحل من العمرة قبل إحرامه بالحج، فإن أدخل الحج على العمرة قبل الطواف يكون قارناً لا متمتعاً، وعلى هذا فإن من أحرم متمتعاً ووصل يوم التروية فليتم عمرته ثم يذهب إلى منى، وله أن يدخل الحج على العمرة ويصير قارناً بشرط أن ينوي ذلك قبل طواف العمرة، قال ابن قدامة في المغني: كل متمتع خشي فوات الحج، فإنه يحرم بالحج، ويصير قارناً، وكذلك المتمتع الذي معه هدي، فإنه لا يحل من عمرته، بل يهل بالحج معها، فيصير قارناً، ولو أدخل الحج على العمرة قبل الطواف من غير خوف الفوات جاز، وكان قارناً بغير خلاف، وقد فعل ذلك ابن عمر ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأما بعد الطواف فليس له ذلك ولا يصير قارناً، وبهذا قال الشافعي وأبو ثور وروي عن عطاء وقال مالك: يصير قارناً. وحكي ذلك عن أبي حنيفة، لأنه أدخل الحج على إحرام العمرة، فصح كما قبل الطواف ولنا أنه شارع في التحلل من العمرة فلم يجز له إدخال الحج عليها، كما لو سعى بين الصفا والمروة. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 2973.

هذا ما عليه جمهور الفقهاء، وإذا كان السائل يريد بقوله على القول بوجوب التمتع، ما ذهب إليه بعض أهل العلم من وجوب التمتع على من لم يسق الهدي، فقد قال بذلك ابن حزم الظاهري ولو كان المحرم أحرم بإفراد أو قران وجب عليه أن يحول نيته إلى عمرة يحل منها ثم يحرم بالحج مفرداً، ونص كلامه كما في المحلى: أما من أراد الحج فإنه إذا جاء إلى الميقات كما ذكرنا فلا يخلو من أن يكون معه هدي، أو ليس معه هدي، والهدي إما من الإبل أو البقر أو الغنم، فإن كان لا هدي معه -وهذا هو الأفضل- ففرض عليه أن يحرم بعمرة مفردة ولا بد، لا يجوز له غير ذلك، فإن أحرم بحج أو بقران حج وعمرة ففرض عليه أن يفسخ إهلاله ذلك بعمرة يحل إذا أتمها، لا يجزئه غير ذلك، ثم إذا أحل منها ابتدأ الإهلال بالحج مفرداً من مكة وهذا يسمى متمتعاً. انتهى.

فعلى هذا القول يجب إتمام العمرة هنا متمتعاً ولا يجوز له غير ذلك، لكن مذهب الجمهور هو ما قدمنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني