السؤال
أحيانا يكون المرء مبتلى ببلاء يلازمه، و بالمنطق و العقل لا مجال لزوال هذا الابتلاء, طبعا الله تعالى لا يعجزه شيئ في الأرض و لا في السماء و إنما لله تعالى سنن كونية لا تتبدل ... فكيف يمكن أن يكون الفرج بالنسبة لإنسان مبتلى بابتلاء لا يزول , خصوصا أنكم تعرفون أن انتظار الفرج من الله تعالى من الأسباب التي تعين الإنسان على الصبر، و بأي صيغة يدعو هذا الإنسان؟سؤال آخر: هل في هذا السؤال الذي طرحته على فضيلتكم ما يغضب الله مني؟؟ و لو كان الأمر كذلك أمانة عليكم لا تضعوه في الموقع حتى لا تكون فتنة و حتى لا أتحمل الوزر بل أرجو منكم أن تبعثوا الجواب على عنواني الإلكتروني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المبتلى يشرع له أن يكثر الدعاء وسؤال الله كشف البلاء في أوقات الإجابة لما في الحديث: الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. وهذا الدعاء سبب من الأسباب وهو من أنجحها، فالله تعالى كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا، وهو قدير غالب على أمره لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، وقد جرب نفع الدعاء في كثير من ألأمور المستعصية، فقد فرج الله عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة لما دعوه بصالح أعمالهم، وفرج عن النبي يونس عليه الصلاة والسلام بعد ما التقمه الحوت في البحر لما دعاه، وترك الله الباب لمن دعا بهذه الدعوة من جميع المؤمنين كما في حديث الحاكم: ودعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط الا استجاب الله له.
وكم سمعنا في هذا العصر من ناس شهد لهم الأطباء بعدم إمكان دوائهم من السرطان أو من العقم فلما ذهبوا إلى مكة وشربوا من زمزم ودعوا الله فرج الله عنهم وشفاهم وعافاهم.
وإذا تصورنا أن الداعي لم يستجب له في الظاهر فإن هذا لا يعني أن دعاءه لم تحصل به فائدة، فإن النصوص دلت على أن من دعا بدعا ء ليس فيه اعتداء ولا إثم يعطيه الله ما لم يستعجل إحدى خصال ثلاث: إما أن تقضى حاجته، أو يدخر له في الآخرة، أو يصرف عنه من السوء مثلها كما في الحديث:
ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الأخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
وفي الحديث: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل يا رسول الله وما الاستعجال قال يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فسيتحسر عند ذلك ويدع الدعاء. رواه مسلم.
وأما إذا كانت هناك حالة لا يمكن في العادة أن تتغير مثل حال شخص قطعت رجله أو لسانه ولا يمكن في العادة أن يركب له لسان أو رجل مثل الرجل الأولى، فإن سؤال الله الفرج في هذه الحالة ينال العبد به عدة فوائد منها أن الله تعالى يخفف عنه من الناحية النفسية ويرزقه الصبر والرضى بقضاء الله تعالى ويعوضه خيرا مما فقد، فكم شاهدنا من العميان والمعوقين عوضهم الله تعالى خيرا كثيرا من الذكاء الخارق ومن العلم وغير ذلك من النعم.
وراجع للأدعية والأسباب المفيدة في كشف البلاء الفتاوى التالية أرقامها: 79093،0،0، 49867، 93473، 93185، 101542.
والله أعلم.