الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا لي أخ وقع في الحمام منذ سنتين وبدأ حاله يتغير تدريجياً وهو الآن يسير في الشارع يكلم نفسه ويضحك مع نفسه بدون سبب ولا ينام إلا قليلا وهو الآن في ضياع مستقبل وكلما أقــول له صل لا يصلي وأنصحه وأعرفه أن ما به لا يزول إلا بالصلاة وذكر الله والتقرب منه فهو مسلوب الإرادة فقد قال لي إن الجني الذي به يقول له أنت مولود نصراني ووالداك أخذاك وأنت صغير وجعلاك مسلم فارجع للنصرانية دينك، فهم يدعونه إلى النصرانية لكن هو لا يصدقهم في قولهم ويعلم زيف معتقدتهم، فأنا خائف عليه الآن لأنه مسلوب الإرادة وكلما يكلم نفسه أقول له تكلم من، يقول هم الذين يتكلمون ولست أنا، وهم الذين يضحكون ولست أنا فأجعله يسمع الرقية الشرعية فلا يحدث شيء بل يضحك ويزداد كلاما غير مفهوم بل سمعت من خلال كلامه كلمة صليب فأقرأ عليه وأجعله يسمع وذهبت به إلى المشايخ إلى الكثير والكثير فلا يحدث شيء، وللأسف هو مسلوب الإرادة مشتت الفكر، فعندما أقــول له الجأ إلى الله فهو الشافي فلا يعي، فهو وصل لي الجنون يذهب هنا وهناك يحدث نفسه ويضحك وهو ماش في الطرقات، فأنا لا أعرف ما ذا أعمل معه مستقبلا، أنا أحس بالذنب تجاهه وأني مقصر لأن لا يُشفي مما هو فيه، والأطباء يقولون ليس فيه شيء وووو ولا شيء يحدث فهو حاله يزداد سوءا، فقل لي ماذا أفعل بعد هذا وهل أتركه هكذا يضيع أم ماذا أفعل، فهل لديكم أطباء يعالجون بالقرآن لكريم مثل هذه الحالات مع العلم أني ذهبت إلى الكثير من المشايخ ممن يعرفون بهذا المجال ومن أهل السنة والجماعة ويقرؤون بالرقية الثابته لا مبتدعون فأحسبهم كذلك ولا يحدث شيء، فهل تدلوني على شيخ يعرف بصبره وطول باله .......... فقد دلني أناس إلى رجل يعالج مثل هذه الحالات في التلفون تقول له اسم المريض واسم أمه ( وهذه علامة الساحر ) لكنه يعالج في التلفون دون مصلحة ولا مقابل مادي، وقد قال لي بعض الناس أنه كان لهم حالة مثل حالة أخي وشفيت في اليوم الثاني، والكثير أكد لي على سرعة العلاج بهذه الطريقة وأنا أعرف أنها طريقة محرمة ولــــكن أقول لنفسي نعم أنها محرمة، ولكن توجد قواعد شرعيه مثل ( الضرورات تبيح المحظورات ) وقد قسم العلماء الضرورات لخمس ومنها ( العقل ) فهل أنا على الصواب أم هذا سوء فهم مني، وقولوا لي ماذا أفعل فنحن نتألم من حاله وأكرر ( هو مسلوب الإرادة ) يعني لو قلت له صل وقل أذكار الصباح والمساء والجأ إلى الله فلا إرادة له ( وأنا آسف لأني أطلت عليكم ) أرجوأن تكونوا فهمتم قولي ، وإذا لم يكن قد اتضح ما أُريد فذلك لضعف اللغة والبيان عندي.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

إن فاقد العقل ممن رفع عنهم القلم، ولا يجوز الذهاب إلى السحرة وأصحاب الشعوذة، وإنما يجب الاكتفاء بالرقية الشرعية وبالدعاء.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فللرد على هذا السؤال تجدر الإشارة إلى ما يلي:

1- أن دخول الجن في جسد ابن آدم أمر معلوم، ففي الصحيحين من حديث صفية أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم..

قال ابن حجر الهيتمي: وبه يرد على من أنكر سلوكه في بدن الإنسان كالمعتزلة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة، وهو أمر مشهود محسوس لمن تدبره، يدخل في المصروع ويتكلم بكلام لا يعرفه. اهـ.

2- أن أخاك إذا كان فاقد العقل بسبب مس من الجن أو بأي سبب آخر، فإنه يكون ممن رفع عنهم القلم. فقد ثبت في المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل.

وبالتالي فلا تقلق من كونه يرفض الصلاة أو لا يتمسك بمبادئ الدين...

3- أن الذي يجوز للمسلم من الرقى هو ما أذن فيه الشرع، ولك أن تراجع في الرقية الشرعية فتوانا رقم: 4310.

4. أن العقل –كما بينت أنت- هو إحدى الضرورات التي أوجب الشرع حفظها، ولكن ذلك لا يعني الذهاب إلى السحرة وأصحاب الشعوذة...، وإنما يعني أن من واجب المرء أن يحفظ عقله، بأن لا يستعمل ما يغيب به العقل من مخدر أو مسكر أو مفتر... علما بأن السحرة وأصحاب الشعوذة لا يستطيعون رد العقل إلى صاحبه إلا بإذن الله وتقديره، والله لا يُنال ما عنده إلا بطاعته.

فعليكم أن تكتفوا بالرقية الشرعية، وأن لا تذهبوا إلى ذلك الذي تحسبون أن رقيته غير شرعية...

وأديموا الدعاء لأخيكم فإن الشفاء عند الله، وقد وعد بإجابة الداعين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني