الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من امرأة يشك أنها أخته من الرضاع

السؤال

رضع اثنان من إخوتي الصغار مع ابنتي خالتي وكانت الرضاعة متبادلة من الطرفين، لكن كل من أمي وخالتي لم تحددا عدد هذه الرضعات. خاصة من طرف أمي إذ حلفت وأكدت ذلك وهي معروف عنها الصدق، والأرجح أنها تقول إنها قليلة لعدة أسباب منها:بعدنا في المسكن عن بيت خالتي حوالي 70كلم وكان ذهاب أمي إلى بيت أختها مرة واحدة في السنة تقريبا أي في المناسبات فقط.-عدم اهتمام أمي في كسب الإخوة من الرضاعة وهذا اعتراف منها. لأنه سبق لها وأرضعت طفلين وكان عدد هذه الرضعات مرة أو مرتين لضرورة فقط .- جهل كل من أمي و خالتي لعدد الرضعات المحرمة وكان في اعتقادهما أن رضاع طفل من ثديهما مرة أو مرتين كاف ليصبح ابنا لهن من الرضاعة. - فتقدمت أنا ابنها الأكبر لخطبة إحدى ابنتي خالتي هاته، وأنا لم أرضع من خالتي قط، وكانت هذه الخطبة مبدئيا فقط أي (تعينها) وهذا بعد الاطلاع على بعض الفتاوى ووجدت أنه يسقط حكم الرضاع إن لم يكن عدد هذه الرضعات معلوما وهي 5 رضعات معلوماتوأنا الآن أريد خطبتها شرعيا والزواج منها ,هل سيكون هذا العقد صحيحا أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

إذا لم تكن البنت رضعت من أمك خمس رضعات معلومات فإن المحرمية لم تثبت، ولكن الأفضل تركها وعدم الزواج منها.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في القدر المحرم من الرضاعة كما اختلفوا أيضا في ما تثبت به الرضاعة.

أما بالنسبة للقدر المحرم من الرضاعة، فمنهم من قال: إن قليل الرضاع وكثيره محرم وهذا مذهب المالكية ومن وافقهم.

ومنهم من قال: لا يحرم إلا ثلاث رضعات فصاعدا، وذهبت طائفة ثالثة إلى أنه لا يحرم إلا خمس رضعات، ولكل من هؤلاء دليله الذي يدعم به قوله، ويقوي به رأيه.

ونحن نرجح القول الأخير لقوة دليله كما هو مبين في الفتوى: 9790.

وبناء على ذلك فإذا كانت البنت التي تريد الزواج منها قد رضعت من أمك ولكنها لم تكمل خمس رضعات معلومات فإن المحرمية لم تثبت شرعا، ولكننا لا ننصح بالزواج منها مادام أصل الرضاع قد ثبت، فالأفضل تركها وعدم الزواج منها، وذلك لما في صحيح البخاري وغيره: عن عقبة بن الحارث أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة فقالت: قد أرضعت عقبة والتي تزوج، فقال لها عقبة ما أعلم أنك أرضعتني، ولا أخبرتني، وفيه أن عقبة أرسل إلى أهل البنت يسألهم فقالوا: ما علمنا أنها أرضعت صاحبتنا، فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف وقد قيل، ففارقها عقبة ونكحت زوجا غيره. وفي رواية: دعها.

ثم إننا ننبهك إلى أن خمس رضعات قد تقع في يوم واحد، بل قد تقع في جلسة واحدة، فكلما التقم الصبي الثدي ثم تركه طوعا فإن تلك تعد رضعة مشبعة، ولو عاود التقامه بعد في الحال ثم تركه طوعا كانت رضعة ثانية وهكذا، فابتعد عن الزواج بهذه المرأة ولا تبن حياتك على أمر تشك في حليته، واعلم أنك لو أقدمت على الزواج اتكالا على أن الرضاع الواقع غير محرم فنخشى عليك الوساوس أن تظل تطاردك، وألا يهدأ لك بال أو يستقر لك حال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني