الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من استأنف عملا جديدا بخبرة حصلت من خلال قرض ربوي

السؤال

لنعود للبداية رجاء اقرؤا بتمعن ومهل.. منذ سبع سنوات تحصلت على قرض ربوي من الحكومة وكونت مؤسسة في صيانة وبيع عتاد الإعلام الآلي ثم بعد ذلك سويت علاقتي مع البنك، أرجعت لهم القرض زائد الفائدة فلم تعد بيني وبينهم علاقة، طبعا أنتم تعلمون أنه من يقضي سبع سنوات في تسيير مؤسسة صغيرة ستنشأ له طيلة هذه المدة علاقات اجتماعية متنوعة تجلب له منافع وخبرة حيث نجحت في عملي وأصبحت لي سمعة بسبب إتقاني لعملي وأصبحت لي شهرة وعلم تكنولوجي وزبائن أوفياء كل هذا ناتج عن مال حرام، بعد ذلك قررت أن أتوب بالطريقة التالية: قمت بالتخلص من جميع التجهيزات والسلع التي داخل المحل الذي أستأجرته وكذلك المال الذي جمعته طيلة سبع سنوات وقمت بإعطاء الكل لجمعية خيرية، حتى ديوني عند الناس لما أسترجعها أحولها للجمعية الخيرية، حتى أغراضي الشخصية من هاتف جوال وملابس أنا في طريق التخلص منهم، ثم استلفت مبلغا من المال من عند أحد الزبائن حتى أنطلق من جديد، أنا سأقوم بما يلي في الأيام القادمة إن شاء الله في نفس المحل الذي أستأجره منذ سبع سنوات سأشتري تجهيزات ومادة أولية وسلع من هذا القرض الحسن وسأنطلق في نفس النشاط مستغلا بذلك سمعتي الجيدة في مجال نشاطي وهو نشاط مربح وسأسدد القرض للزبون إن شاء الله بدون فائدة طبعا، لب الموضوع يبدأ من هنا.. هل المال الجديد الذي سأحصل عليه حلال أم حرام أم فيه شبهة حرام، وهل أنا أسير في طريق صحيح هل أنا أتحايل على الله بهذا العمل، مع العلم بأن غرضي الأول والأخير هو إصلاح نفسي مع ربي، أنا أطرح هذا السؤال لأنه أنا سأعمل برأس مال حلال ولكن بخبرة وسمعة وعلم اكتسبتهم بالحرام، هل يؤثر هذا على صفاء رزقي، الخلاصة:.. أريد أن أتخلص من جميع الوساوس والشكوك والقلق وأنطلق بإرادة أكبر من جديد... ملاحظة: ليس بيني وبين خلق الله شيء؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لا يشترط في توبة المقترض بالربا أن يتخلص من جميع آثار القرض، وليس لاستفادته مما كان قد اكتسبه من سمعة وخبرة وتجربة في عمله السابق تأثير على صحة التوبة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس من شك في أن ما قمت به من الاقتراض بالربا يعتبر ذنباً كبيراً، فقد قال الله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ {البقرة:275}، وتوعد الله بالحرب متعاطيه إن لم يتركه ويتوب منه، قال تعالى: فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة:279}.

وشروط التوبة هي الإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم أن لا يعود إليه، وليس من شروطها التخلص من الأموال والممتلكات التي تُحُصل عليها من هذا القرض، وإنما يكفي عقد العزم على أنك لن تعود إلى الربا أبداً، ومن هذا تعلم أنك لست مطالباً ببذل جميع ما تملكه من التجهيزات والسلع والمال والديون لجمعية خيرية أو لجهة أخرى.. ولكنك إذا فعلت فعسى أن يكون ذلك دليلاً على حسن توبتك، ويكون لك فيه أجر ودرجات عند الله.

وأما ما اكتسبته من خبرة وسمعة وعلم خلال عملك الأول، فإنه لا تأثير له -إن شاء الله تعالى- على توبتك، ويجب أن تبعد عنك مثل هذه الشكوك والوساوس فإنها من الشيطان يريد بها إتعابك وتكدير صفو العيش عليك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني