السؤال
سيدى المفتي الجليل افتيتمونا في الفتوى ذي العدد 105648 ولكن أصبح لدينا ارتباك وغموض والتباسات كثيرة، وذلك في الجزء (1) أن وصفك لما قامت به والدتك بعمل الشيطان... أرجو إعلامي بماذا أصف العمل الذي يقوم به الوالدين الذين يقومون بالكبيرة كما أشرت في ذلك أنت في الفتوى المرقمة 45224، أو المحرض عليها منهم، ما هي الفتوى في موقف الوالد إذا في حالة إفتائكم الجزء الثالث من الفتوى 105648 على ما هو عليه، فهل موقفه هنا ارتكب الكبيرة لا سامح الله بموجب الفتوى المرقمة 45224 الجزء الثالث من الفتوى 105648
3- أن ما ذكرته من تسجيل أبيك العقارات بأسماء إخوتك، ثم إرادته بعد ذلك إصلاح الخطأ بكتابة وثيقة.... لا أعرف لماذا أفدت بأن الإجراءات التي قام بها أبي هي في حكم الوصية وهي ليست بوصية وإنما إجراءاته أعادة لي حصصي التي مسجله باسمهم وهي لي أصلا بتأمينهم عليها ليجعلها أمانة في عنقهم بموافقتي وموافقتهم وجعل الوثيقة كقرطاس لبيان الحقوق وتذكرة المؤتمنين بالمال المتروك لديهم (والدتي وأخي الأصغر) بوجوب رجوع الأمانة لصاحبها (أنا) بعد وفاته وتعويضه الأضرار التي تقع على ذلك من مصاريف نقل الملكية كديون يعترف بها على نفسه (الوالد) مما يجب استيفائها قبل تقسيم التركة، وبذلك يكون قد أبرى ذمته من الوقوع بالخطأ قدر تفكيره واستطاعته؟ لم تفتني بموقف أخي الأصغر الذي أطاع أباه في ما ليس فيه طاعة وهو حرمان أخيه من شرع الله مع عدم توفر موانع الحرمان المذكورة في فتواكم 15912، وماذا يتوجب عليه أن يفعل، (أقصد الموافقة على تسجيل حصة أخيه بأسمه وجعلها أمانة عنده رغم إخباري له بعدم موافقتي لأعتبار ذلك حرمان من الإرث ولما يثير من البغض والعداوة بين الإخوة وكذلك إيقاع الضرر المادي وغير المادي بي) أشكر طول بالكم ومسعاكم لإصلاح ذات البين... وجزاكم الله خيراً في خدمة العباد، علما بأن ما سوف يردنا من أجوبة سوف تكون بابا النقاش ومسعى للإصلاح بإذنه تعالى لعدم توفر المحاكم الشرعية المعتمدة في بلادنا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن الفتوى رقم: 105486، إنما تتعلق بترك الإنفاق على الزوجة وتشويه صورتها أمام أبنائها، وليس فيها شيء مما بينته في السؤال، ولعلك تقصد الفتوى رقم: 105648 لأنها هي التي تشتمل على هذه الملاحظات التي قدمتها.
وفيما يخص موضوع سؤالك نقول: إن نهينا عن وصفك لما قامت به والدتك بعمل الشيطان ليس معناه أنها مصيبة فيما قامت به، ولكن الله تعالى قد أمر الأبناء بالقول الكريم للآباء ولم يقيد ذلك بأن يكون الآباء على صواب، وأما سؤالك الثاني فندمج الجواب عليه مع جواب السؤال الثالث، ومع ما ذكرته أيضاً من أننا لم نرد عليه من موقف أخيك الأصغر الذي أطاع أباه في ما ليس فيه طاعة... فنقول: إنا قد أفتيناك بأن الذي قام به أبوك يعتبر في حكم الوصايا، إذْ هو لا يمكن اعتباره تركة، لأن التركة لا تصح إلا بعد وفاة المورث، ولا يمكن اعتباره هبة لأن من شروط تمام الهبة أن تحاز قبل موت الواهب، والظاهر أن هذه الأملاك لم تحز، بدليل أن أباك لم يزل يغير فيها ويوصي ببعض الإجراءات التي ستنفذ بعد موته مثل قولك ... وكذلك ذكر أن حصتي من الدار في الموقع (ص) هي باسم أخي الأصغر وتحول باسمي بعد مماته، وذكر أن جميع المصاريف المترتبة على ذلك تؤخذ من التركة... إلى غير ذلك مما أطلت في تبيينه، لهذا أفتيناك بأن جميع متروك أبيك يعتبر إرثاً بينك وبين بقية الورثة على الفريضة الشرعية، ويستوي في هذا ما كتب بأسماء إخوتك وما كتب باسمك أو اسم أمك أو غير ذلك مما لم تتم حيازته في حياة الأب، وهذا الذي أفتينا به فيه إصلاح للخطأ الذي قلت إن أباك قد ارتكبه، ونحسب أيضاً أنك لست مغبوناً فيه، لأنك ستجد حصتك من جميع أموال الأب.
ولو قدر أنك مغبون فيه باعتبار أن الإجراءات التي قام بها الأب كانت هبات وأن بعض الورثة قد حازوا موهوباتهم في حياة الأب، فإن جمهور أهل العلم على أن هبة الأب للأبناء إذا تمت ولم يستردها قبل موته فإنها تمضي ولا تدخل في التركة، ولكن المرجح عندنا أن ذلك يرجع ولا يعمل به، لأنه جور كما بينا من قبل في فتاوى كثيرة، ولك أن تراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 6242.
وعليه، فالذي يمضي مما حيز منه هو ما وهب للأم، وأما ما وهب للأولاد فإنه راجع إلى التركة على كل حال، ما لم يكن للأب مسوغ شرعي في هبته لهم، ونحسب أن هذا القدر يكفي لجميع ما استشكلته من فتوانا.
والله أعلم.