الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق المعلق لا يقع إذا لم يحدث ما علق عليه

السؤال

أنا صاحب الفتوى رقم:102060 والتي أفتيتموني بعدم الطلاق والحمد لله وأرجو اتساع صدركم لي,حيث جاء فيها :
حصل بيني وبينها خلاف على الجوال وقلت لها: إذا رددتي على رقم لا تعرفينه وغير مسجل في جوالك فأنت طالق ولا أعرف ما هي نيتي أثناء اليمين هل هي الطلاق أو التهديد والزجر، وحصل أن اتصل بها رقم غريب ولم ترد عليه خوفا من حصول الطلاق، ثم قالت لي هل تعرف هذا الرقم فقد اتصل بي اليوم ولم أرد عليه كما حذرتني فإذا به رقم أختي فأخبرتها أنه رقم أختي وحفظته في ذهنها ولم تسجله في الجوال، بعد ذلك اتصلت بها أختي، وتأوّلت زوجتي أن يميني إنما هو منصب على الأرقام التي لا تعرفها فقط، وانه ما دام أني أخبرتها بالرقم وحفظته في عقلها حفظا تاما لا يختلط مع غيره أن ذلك يخرجها من وقوع اليمين،
لكني أريد أن أسأل هل بإمكاني الاطمئنان بالعمل بكلام ابن القيم رحمه الله في المتأول حيث يقول:
ولو فرض فساد هذه الأقوال كلها فإنه إنما فعل المحلوف عليه متأولا مقلدا ظانا انه لا يحنث به فهو أولى بعدم الحنث من الجاهل والناسي وغاية ما يقال في الجاهل إنه مفرط حيث لم يستقص ولم يسأل غير من أفتاه وهذا بعينه يقال في الجاهل إنه مفرط حيث لم يبحث ولم يسأل عن المحلوف عليه فلو صح هذا الفرق لبطل عذر الجاهل ألبتة فكيف والمتأول مطيع لله مأجور إما أجرا واحدا أو أجرين، والنبي ص - لم يؤاخذ خالدا في تأويله حين قتل بني جذيمة بعد إسلامهم ولم يؤاخذ أسامة حين قتل من قال لا إله إلا الله لأجل التأويل ولم يؤاخذ من أكل نهارا في الصوم عمدا لأجل التأويل ولم يؤاخذ اصطحابه حين قتلوا من سلم عليهم وأخذوا غنيمته لأجل التأويل ولم يؤاخذ المستحاضة بتركها الصوم والصلاة لأجل التأويل ولم يؤاخذ عمر رضيالله عنه حين ترك الصلاة لما أجنب في السفر ولم يجد ماء ولم يؤاخذ من تمعك في التراب كتمعك الدابة وصلى لأجل التأويل وهذا أكثر من أن يستقصى، واجمع أصحاب رسول الله ص - على أن كل مال أو دم أصيب بتأويل القران فهو هدر في قتالهم في الفتنه قال الزهري وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله ص - كلهم متوافرون فأجمعوا على أن كل مال أو دم أصيب بتأويل القرآن فهو هدر انزلوهم منزلة الجاهلية ولم يؤاخذ النبي ص - عمر بن الخطاب رضى الله عنه حين رمى حاطب بن أبي بلتعة المؤمن البدري بالنقاق لأجل التأويل ولم يؤاخذ أسيد بن حضير بقوله لسعد سيد الخزرج إنك منافق تجادل عن المنافقين لأجل التأويل ولم يؤاخذ من قال عن مالك بن الدخشم ذلك المنافق نرى وجهه وحديثه إلى المنافقين لأجل التأويل ولم يؤاخذ عمر بن الخطاب رضى الله عنه حين ضرب صدر أبي هريرة حتى وقع على الأرض وقد ذهب للتبليغ عن رسول الله ص - بأمره فمنعه عمر وضربه وقال ارجع وأقره رسول الله ص - على فعله ولم يؤاخذه لأجل التأويل
وكما رفع مؤاخذة التأثيم في هذه الأمور وغيرها رفع مؤاخذة الضمان في الأموال والقضاء في العبادات فلا يحل لأحد أن يفرق بين رجل وامرأته لأمر يخالف مذهبه وقوله الذي قلد فيه بغير حجة فإذا كان الرجل قد تأول وقلد من أفتاه بعدم الحنث فلا يحل له أن يحكم عليه بأنه حانث في حكم الله ورسوله ولم يتعمد الحنث بل هذه فرية على الله ورسوله وعلى الحالف وإذا وصل الهوى إلى هذا الحد فصاحبه تحت الدرك وله مقام وأي مقام بين يدي الله يوم لا ينفعه شيخه ولا مذهبه ومن قلده والله المستعان .
فما حكم العمل بهذا الكلام القيم عن ابن القيم أثابكم الله , وهل يجوز استفتاء كتب العلم في مثل هذه المسائل واتخاذها حجة عند الله تعالى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجواب مسألتك هو ما ذكرنا في الفتوى السابقة، وأن الطلاق لا يقع لعدم وجود المعلق عليه بغض النظر عن النية هل هي مجرد تهديد زجرا أم إيقاع طلاق، أو أن الزوجة معذورة أو غير معذورة، فكل ذلك لا يحتاج إليه هنا في هذه المسألة؛ لأن زوجتك أجابت لما رأت رقما تعرفه وإن لم يكن مقيدا في هاتفها.

ولا يصح الاعتماد على الكتب إلا للمتمكنين من الباحثين وطلبة العلم ممن يستطيعون فهم كلام أهل العلم ووضعه مواضعه، ولأن المسائل تختلف في أسبابها ومقاصدها وزمانها ومكانها، والحكم قد يختلف بحسب ذلك فلا بد الرجوع إلى أهل العلم مباشرة.

وللمزيد انظر: 102060،102630.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني