الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاقتراض بالربا لأجل التخلص من الخدمة الإلزامية المهينة

السؤال

كون أن الإنسان يزين له ويخيل له بأن ما يفعله من الأعمال الصالحة فأود أن تفيدوني بما أفادكم الله هل ظروفي التي سأشرحها لاحقاً تبيح لي الاقتراض بفائدة ( قرض ربوي من شخص )
أنا شاب عمري 24 عاماً أدرس بمالي الخاص وفي بلدي خدمة الجيش إلزامية ونتيجة تغير القوانين لم يعد بمقدوري متابعة التأجيل كوني أدرس لذلك عزمت بإذن الله على إجراء بعض الدورات على الكمبيوتر واللغة وخلافه لكي أسافر خارج بلدي وأبحث عن عمل وبالتالي فإني محتاج لمبلغ من المال لا أملكه لذلك بحثت عمن يقرضني إياه قرضاً حسناً فلم أجد وأنا معرض لعدة أمور إذا ذهبت للجيش أولها عدم قدرتي على متابعة الدراسة وانقطاعي عنها لمدة عامين هي مدة الخدمة والدراسة هي الضمانة الوحيدة لمستقبلي لأني لا أجيد أي مهنة أخرى وثانيها أني سأحمل أبي عبئاً جديداً كونه سيصبح لزاماً عليه أن يعاود صرف المال علي كون العائد المالي من الخدمة ضئيل جداً لا يكفي أجرة التنقل لمرة واحدة، وثالثها ربما أجبر على ترك عبادات مفروضة أنا والحمد لله مواظب عليها كالصلاة والصيام وربما أجبر على الجلوس في مكان تسب فيه الذات الإلهية دون أن أقدر على الاعتراض أو تغيير هذا المكان فهل هذه الأسباب تعد من الضرورات التي تبيح المحظورات وإذا كانت كذلك فهل إن وفقني الله وفتح لي أبواب رزقه سيكون كل ما أجنيه مستقبلاً حرام أم أن التوبة النصوح والندم الموجود في قلبي منذ الآن يكفيان ليغفر الله لي علماً بأن والدتي تملك سيارة تؤجرها قد عرضت علي بيعها لتقرضني المال ولكن أبي رفض ذلك وسبب ذلك مشاكل كبيرة بينهما ففضلت أن تنسى أمي هذا الموضوع لما سيسببه لها من مشاكل مع أبي ربما تصل إلى ما لا تحمد عقباه. وجزاكم الله عني كل الخير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالضرورة التي تبيح الاقتراض بالربا هي أن يصل المكلف إلى حالة إن لم يتناول المحرم هلك أو قارب الهلاك أو تحمل مشقة لا تحتمل عادة.

وما ذكره الأخ السائل من أعذار ومبررات للاقتراض بالفائدة أشياء قد تقع وقد لا تقع، ولا يصح أن يرتكب الحرام لأمور متوهمة غير متحققة الوقوع.

نعم إن تيقن أو غلب على ظنك أنك لو التحقت بالخدمة الإلزامية سوف تقع في الحرام ولم تجد وسيلة لدفع ذلك إلا الاقتراض بالربا فلا حرج في ذلك؛ لعموم قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}. وراجع الفتوى رقم: 97750.

وينبغي أن يقال في حقه أن يستعين بالله تعالى ولا يعجز، ويحاول أن يجد من يعينه بقرض حسن أو يقنع والده بمساعدته، وإذا علم الله تعالى صدق نيته وكان الخير له أن يسافر خارج بلده فإن الله تعالى ييسر له ما تعسر، وليعلم السائل أنه يخطئ عندما يظن أن ما يختاره لنفسه خير مما يختاره الله له.

وأما مسألة الانتفاع بالقرض الربوي على فرض حصوله فإن الحرام يتعلق بذمة المقرض لا بعين القرض، فلو انتفع به المقرض في وجه مباح كان ما يحصل عليه مباحا .

وأما مغفرة ذنب الاقتراض فالله أعلم بالعباد وبما قام في قلوبهم من صدق التوبة، ولكن العزم على التوبة لا يبيح ارتكاب الذنب ابتداء، وقد لا يعيش المرء بعد المعصية مدة يتمكن فيها من التوبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني