السؤال
في البداية -بفضل الله- تمكنت من تزويج نفسي بنفسي، وقد أقسمت على عدم أخذ قرض للزواج، لخوفي من الحرام، وقد أعانني الله على ذلك، فقد رزقني بزميل يقرضني، وأخذت قرضًا حسنًا بلا فائدة من الشركة، أقوم على سداده على أقساط، وقد سددت دين زميلي، أما الآن فأنا في عذاب وشقاق داخلي لا يوصف، والقصة هي: أنني تزوجت إلى شقة إيجار جديد، والعقد لمدة سنتين، بإيجار كبير، بسبب ارتفاع الأسعار، وقد مضت سنة، كرَّستها لسداد ديني، وفوجئت أن صاحب الشقة يريدها، فأمامي أقل من سنة لتركها، والأسعار يوميًا تتزايد بشكل مخيف، والإيجار يزيد أيضًا، ويستنزف كل دخلي، مما يستحيل ادخار مبلغ يكفي لشراء شقة، كما أن زوجتي حامل، وأنا في حالة نفسية شديدة بسبب ذعري أين سأذهب بعائلتي؟ وهل سوف أظل طول عمري بالإيجار الذي يستنفد كل مواردي؟ فوجدت فرصة لشراء شقة، وقد عرض علي صديق أن يقرضني مبلغ الشقة، وعلمت أيضًا أنه سوف يأخذه من قرض من بنك ويعطيه لي، وأنا -والله- أخشى الحرام على بيتي، ولكني لا أعلم ماذا أفعل بسبب شدة الزيادة في الأسعار! وأنا لا أعلم الغيب، فهذا الأمر يهدد استقرار بيتي.أرجوكم، أفيدوني ماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاقتراض بالربا حرام باتفاق العلماء، وقد دل على حرمة الاقتراض بالربا ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبَه، وشاهدَيه، وقال: هم سواء؛ وموكله أي معطيه لمن يأخذه، فإطعام الربا كبيرة من الكبائر، وقد سوى النبي -صلى الله عليه وسلم- بين آكل الربا وموكله في الإثم، والواجب على المسلم الحذر من الوقوع في هذه الكبيرة، ولا يجوز الاقتراض بالربا إلا لضرورة، والحاجة إلى البيت ليس ضرورة ما دام الاستغناء بالإيجار ممكنًا على ما فيه من مشقة.
فإن السكن ضرورة للإنسان كالطعام والشراب، ولكن كون السكن ملكاً للشخص، فهذا حاجة وليس بضرورة، فلا يباح لأجله الاقتراض بالربا.
ولا يجوز اقتراضك من صديقك الذي سوف يقترض بالربا، لما في ذلك من الإقرار للمرابي على فعل الحرام، وتشجيع له على ذلك، ويجب عليك نصحه وتحذيره من إثم وعقوبة أكل الربا والتعامل فيه.
فلتحذر -أيها السائل- من الوقوع في هذا الذنب، وعليك بتقوى الله، والبحث عن سبل حلال للحصول على السكن، وإن عجزت فلا بأس أن تسكن بالإيجار، واعلم أن أسعد الناس حالاً في الدنيا من آمن بالله تعالى وصدق رسوله واهتدى بشرعه وكان آمناً معافىً عنده قوت يومه، فعن سلمة بن عبيد الله بن محصن الأنصاري عن أبيه -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا في سِرْبِهِ، مُعَافًى في جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ له الدُّنْيَا. أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب، وحسنه الألباني.
ومن أراد أن يهنأ بما آتاه الله من نعمة، فليعمل بما ورد عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: انْظُرُوا إلى من هو أَسْفَلَ مِنْكُمْ، ولا تنظروا إلى من هو فَوْقَكُمْ، فإنه أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ. أخرجه الترمذي وقال: صحيح، وصححه الألباني.
نسأل الله -عزَّ وجلَّ- أن يفرج كربك، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى التالية: 6501، 6689، 16659، 21764.
والله أعلم.