الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحل الأفضل لمن طلقت قبل الدخول

السؤال

كان مكتوبا كتابي على رجل أحببته كثيراً ولكن حصلت مشاكل بيني وبينه بسبب أسرتي وأسرته ونتيجة التدخلات الكثيرة وفضولي الزائد وصلت لمرحلة أن أطلب الطلاق في حالة الغضب والخوف وعندما تهدأ نفسيتي أعود كما كنت المهم آخر مرة من المشكلات غضب مني وأسمعني كلاما جارحا رغم أنه طول السنة كان صابراً ولكن بسبب أمه وأبيه وفي يوم تحديد العرس كان عصبيا وعنيداً ومستفزا لي هو وأمه وأبوه وأمي أنا أيضا كان تضغط علي بالانفصال وإخوتي وتعرضت لضغط نفسي شديد فقلت لا أريده وبعد ما هدأت نفسيتي قبل الطلاق قلت لوالدي أريده إني أحبه وسأتحمل فقررت أسرتي عدم التدخل نهائيا بحياتي خاصة أمي وإخوتي وعندما جاء والد خطيبي قلت له أعطني فرصة أخيرة أريد التكلم مع خطيبي لكنه رفض وبعد 3 أيام رأى عمي صدفة في الطريق فقال له ابني يريد ابنة أخيك ويحبها فابعث والدها وتعال أنت وأحد الرجال الصالحين لعمل جلسة ولكن والدتي رفضت قالت هم الذين يبادرون وليس نحن وظل الحال هكذا حتى تم طلاقي وفوجئت في المحكمة بوالد خطيبي يقول نحن نخطب له وفعلا خطب قريبته وطلبت منه الرجوع بعد الطلاق، لكنه رفض وقال أنا لم أكرهك، ولكن نسيتك وتركني ومن يومها وأنا أدعو الله أن يرده لي فهل في دعائي تعد على حكم الله وهل ممكن يرجع لي بعد كل المشاكل هذه فحبه ما زال في قلبي ولكن أهل السوء وتدخلات الأهل أفسدت علاقتنا ماذا أفعل أريد نصيحتكم أنا متعبة نفسيا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أخطأت أيتها السائلة بطلب الطلاق من زوجك -إن لم يكن لديك عذر معتبر- فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه الترمذي وأبو داود وصححه الألباني.

كما أنك أخطأت بسماعك لكلام الناس وتدخلاتهم حتى أفسدوا عليك أمر زواجك، فعليك أن تتوبي إلى ربك من هذا وأن تستغفري لذنبك.. وأما بخصوص من طلق امرأته قبل الدخول بها فقد بانت منه بينونة صغرى لا تحل له إلا بعقد جديد ومهر جديد، وليس لها عدة من هذا الطلاق، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا {الأحزاب:49}

وأما بالنسبة لدعائك أن يرد الله عليك هذا الرجل ليتزوج منك فهذا لا حرج فيه، وإن كان الأولى أن تتناسيه لا سيما وأنه قد ارتبط بخطبة جديدة كما ذكرت، وأقبل على حياة جديدة. فمن الكياسة والحزم أن تتناسي هذه المرحلة وأن تقبلي على ما ينفعك في دينك ودنياك، ولعل هذا هو الخير لك فلا تهتمي به ولا تلقي له بالاً فكل شيء بقضاء وقدر والكل في أم الكتاب مستطر، وما شاء الله كان وما لم يشأن لم يكن، والله سبحانه هو العليم ببواطن الأمور وحقائقها فرب شيء بدا للإنسان في ظاهره أنه خير وهو في الحقيقة شر له، قال سبحانه: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، وقال سبحانه: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.

وعسى أن يكون هذا اختبار من الله سبحانه لك ليرى صبرك ورضاك عنه وعن أقداره، واعلمي أن الله سبحانه هو العليم الحكيم، فأفعاله كلها علم وحكمة، وأقواله كلها حق وصدق، وأقداره كلها عدل ورحمة، قال سبحانه: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {الأنعام:115}، وعلى أنا نوصيك دائماً بتقوى الله والعمل الصالح فما استجلب العبد خير الدين والدنيا بمثلهما، ولا استدفع مصائب الدين والدنيا بمثلهما، قال سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}، وقال سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}، ونحذرك من المعاصي فهي دائما سبب الخيبة وضياع الآمال، نسأل الله أن يوفقك لطاعته ومرضاته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني