الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نفهم قصدك من السؤال الأول: هل صحيح أن لكل إنسان من حظه نصيبا.
وفي خصوص سؤالك الثاني: فإن معنى كلمة الفاتِن المضل عن الحق، وتطلق على الشيطان؛ كما في مختار الصحاح. وقال الخطابي: يقال معناه الشيطان الذي يفتن الناس عن دينهم ويضلهم .وكثيرا ما يطلق الشعراء هذه العبارة على المفتتَن به ممن يتغزلون به كما في قول بشار بن برد:
من لظبي مرعث *فاتن العين والنظر
وفي قول الآخر: لك يا فاتن اللواحظ طرف *فتكه بالقلوب فاق السهاما
وبناء عليه؛ فالذي نراه أن تغيير هذا الاسم مطلوب شرعا؛ لما فيه من التسمية بما يكره شرعا وهو الفتنة والشيطنة؛ وليس لما سمعته الأخت من كونه منحوسا.
كما أن ما نصحت به من اختيار اسم متكرر فيه حرفان قول لا نعلم له دليلا من الشرع، فعلى المسلم أن يتجنب الاستماع لهذا النوع من القنوات لما عرفت به من الدعوة إلى الدجل والشعوذة.
ويدل لذلك ما ثبت عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغير الاسم القبيح. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية وقال: أنت جميلة. قال صاحب النهاية: إنما غيره لأن شعار المؤمن الطاعة، والعصيان ضدها. انتهى
وفي صحيح البخاري عن ابن المسيب عن أبيه: أن أباه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما اسمك؟ قال: حزن. قال: أنت سهل. قال: لا أغير اسما سمانيه أبي. قال: ابن المسيب فما زالت الحزونة فينا بعد
وفي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ما اسمك؟ قال: حزن قال: أنت سهل. قال: لا؛ السهل يوطأ ويمتهن. قال سعيد: فظننت أنه سيصيبنا بعده حزونة.
قال أبو داود: وغيَّر النبي صلى الله عليه وسلم اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وحباب وشهاب فسماه هشاما وسمي حربا سلما وسمى المضطجع المنبعث وأرضا تسمى عفرة سماها خضرة وشعب الضلالة سماه شعب الهدى وبنو الزنية سماهم بني الرشدة وسمى بني مغوية بني رشدة. قال أبو داود: تركت أسانيدها للاختصار. اهـ
وقال ابن حجر في الفتح: قال الطبري: لا تنبغي التسمية باسم قبيح المعنى ولا باسم يقتضي التزكية له ولا باسم معناه السب. قلت: الثالث أخص من الأول. قال: ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص لا يقصد بها حقيقة الصفة؛ لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم فيظن أنه صفة للمسمى، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يحول الاسم إلى ما إذا دعي به صاحبه كان صدقا0اهـ
وقال ابن القيم في الزاد: لما كانت الأسماء قوالب للمعاني ، ودالة عليها ، اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها ، فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك ، والواقع يشهد بخلافه ، بل للأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح ، والخفة والثقل ، واللطافة والكثافة ، كما قيل :
وقلما أبصرت عيناك ذا لقب *إلا ومعناه إن فكرت في لقبه
وهذا الكلام يفيد أن للأسماء تأثيرا في المسميات فتعين البعد عن الأسماء التي تتضمن معنى مذموما.
والله أعلم.