الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مفهوم المُحْصَر في المذاهب الفقهية

السؤال

ما هي أوجه الشبه وما هي الفروق بين شخص منع أمنياً من قبل السلطات من الحج وشخص محصر ولا سيما من ناحية أحكام الحج؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فمن منع من الوصول إلى البيت والطواف به بسبب عدو، أو مرض، أو ضياع نفقة أو حبس أو كسر، فهو محصر على الراجح من قولي العلماء، وهو ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة رحمه الله، وهو قول عطاء والنخعي والثوري وداود وابن حزم.
ودليلهم في ذلك قوله تعالى: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) فلم يقيد الإحصار بحصر العدو، وما رواه أحمد وأصحاب السنن عن الحجاج بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كسر أو عرج فقد حل، وعليه حجة أخرى" فذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة فقالا: صدق.
قال النووي في المجموع: رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي وغيرهم بأسانيد صحيحة.
وذهب الجمهور: مالك والشافعي وأحمد إلى أن المراد بالإحصار ما كان من العدو خاصة، ومستندهم في ذلك أن الآية نزلت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أحصروا من كفار قريش، ومنعوا من أداء العمرة عام الحديبية.
والراجح هو القول الأول لما ذكرنا؛ إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وعليه، فمن أحرم بالحج ثم منع من قبل السلطات الأمنية من الوصول إلى البيت العتيق، فهو محصر، يلزمه ما يلزم المحصر من أحكام، فيتحلل، ويلزمه دم، وهو شاة، فإن عجز عنها صام عشرة أيام على مذهب الحنابلة، ولا يتحلل حتى يصومها، وعند مالك: لا هدي على المحصر إن لم يكن ساقه معه قبل الإحصار.
ولا يلزم المحصر قضاء الحج إن كان تطوعا، في قول جمهور العلماء، وإن كان حجه فرضاً، بقى فرضه في ذمته بالإجماع.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني