الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حرمة ترك إنقاذ الغريق مع القدرة عليه

السؤال

رجل يوشك على الغرق ، ويقف على الشاطئ رجلان أحدهما يجيد السباحة، والآخر لا يجيد السباحة، ورفض الرجل الذي يجيد السباحة نجدة الغريق بالرغم من محاولات الرجل الآخر الذي لا يجيد السباحة حثه على نجدة الغريق .. و لكنه تقاعس عن نجدته حتى غرق الرجل ..فما حكم الشرع فيمن تقاعس عن نجدة الغريق حتى هلك ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنجدة الغريق واجبة على المستطيع القادر على الإنقاذ بلا خوف تلف على نفسه وله في ذلك الأجر العظيم لإحيائه ما أمر الله بإحيائه، فالله سبحانه وتعالى يقول: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا. {المائدة:32}.

قال الجصاص في تفسيرها: وعلى كل أحد أن ينجي غيره إذا خاف عليه التلف مثل أن يرى إنسانا قد قصده غيره بالقتل أو خاف عليه الغرق وهو يمكنه تخليصه.

وهذا كله مع المقدرة بلا خوف على النفس من التلف، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

قال في تصحيح الفروع: يلزمه الإنقاذ مع القدرة عليه. انتهى.

فمن قصر مع ذلك فهو آثم إذ إغاثة الملهوف واجبة في أمور أقل من النفس، أما ما تعلق بها فهو أوجب وأعظم عند الله، ولكن الأمر كله دائر مع القدرة كما قدمنا.

وقال الشوكاني في كتابه السيل الجرار: لا شك أن إنقاذ الغريق من أهم الواجبات على كل قادر على إنقاذه فإذا أخذ في إنقاذه فتعلق به حتى خشي على نفسه أن يغرق مثله فليس عليه في هذه الحالة وجوب لا شرعا ولا عقلا.

فإذا ينظر في تقاعس هذا عن نجدة الغريق فإن كان عن خوف تلف فلا شيء عليه، وإن كان عن تقصير فهو آثم، بل أوجب بعض أهل العلم عليه الضمان، وهو وإن كان جمهور أهل العلم قد رجحوا خلافه إلا أنه يدل على عظيم إثم من فرط مع قدرته على الإنقاذ.

وراجع فتوانا رقم: 51683، في ثواب من أنقذ غريقا، والفتوى رقم: 75950، في عون المحتاج للعون.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني