الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الميتة والخنزير محرمان على اليهود

السؤال

حسب الآيتين الأنعام 145 والأنعام 146 هل نفهم أن الميتة والدم والمسفوح ولحم الخنزير حرمت على الذين هادوا من أهل الكتاب كما حرمت على المسلمين، أم أن ما حرم على الذين هادوا هو فقط ما جاء في الآية 146 من سورة الأنعام؟ جزاكم الله تعالى عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الآية رقم 145 ليست نصاً في تحريم ما ذكر على اليهود، ولكن شيخ الإسلام قد ذكر في الجواب الصحيح وكذا ابن القيم في هداية الحيارى ما يدل على أن الميتة والخنزير محرمان على اليهود، قال ابن تيمية في الجواب الصحيح: وأمر الملك أن لا يسكن يهودي بيت المقدس ولا يجوز بها، ومن لم يتنصر يقتل فتنصر من اليهود خلق كثير وظهر دين النصرانية فقيل لقسطنطين الملك إن اليهود يتنصرون من فزع القتل وهم على دينهم، قال الملك: كيف لنا أن نعلم ذلك منهم، قال بولس البترك: إن الخنزير في التوراة حرام واليهود لا يأكلون لحم الخنزير فأمر أن تذبح الخنازير وتطبخ لحومها وتطعمهم منها فمن لم يأكل منه علمنا أنه مقيم على دين اليهودية، فقال الملك: إذا كان الخنزير في التوراة حراماً فكيف يجوز لنا أن نأكل لحم الخنزير ونطعمه للناس، فقال له بولس البترك: إن سيدنا المسيح قد أبطل كل ما في التوراة وجاء بناموس آخر وبتوراة جديدة وهو الإنجيل وفي إنجيله المقدس أن كل ما يدخل البطن ليس بحرام ولا ينجس، وإنما ينجس الإنسان الذي يخرج من فيه... انتهى.

وقال ابن القيم في هداية الحيارى في كلامه على مناقضة النصارى لليهود: هم يقرون أن المسيح قال إنما جئتكم لأعمل بالتوراة وبوصايا الأنبياء قبل وما جئت ناقضاً بل متمماً، ولأن تقع السماء على الأرض أيسر عند الله من أن أنقض شيئاً من شريعة موسى ومن نقض شيئاً من ذلك يدعى ناقضاً في ملكوت السماء وما زال هو وأصحابه كذلك إلى أن خرج من الدنيا. وقال لأصحابه: اعملوا بما رأيتموني أعمل وارضوا من الناس بما أرضيتكم به ووصوا الناس بما وصيتكم به وكونوا معهم كما كنت معكم وكونوا لهم كما كنت لكم. وما زال أصحاب المسيح بعده على ذلك قريباً من ثلاثمائة سنة ثم أخذ القوم في التغيير والتبديل والتقرب إلى الناس بما يهوون ومكايدة اليهود ومناقضتهم بما فيه ترك دين المسيح والانسلاخ منه جملة فرأوا اليهود قد قالوا في المسيح إنه ساحر مجنون ممخرق ولد زنية فقالوا هو إله تام وهو ابن الله، ورأوا اليهود يختتنون فتركوا الختان ورأوهم يبالغون في الطهارة فتركوها جملة ورأوهم يتجنبون مؤاكلة الحائض وملامستها ومخالطتها جملة فجامعوها، ورأوهم يحرمون الخنزير فأباحوه وجعلوه شعار دينهم ورأوهم يحرمون كثيراً من الذبائح والحيوان فأباحوا ما دون الفيل إلى البعوضة وقالوا كل ما شئت ودع ما شئت لا حرج، ورأوهم يستقبلون بيت المقدس في الصلاة فاستقبلوا هم الشرق ورأوهم يحرمون على الله نسخ شريعة شرعها فجوزوا هم لأساقفتهم وبتاركتهم أن ينسخوا ما شاؤوا ويحللوا ما شاؤوا ويحرموا ما شاؤوا، ورأوهم يحرمون السبت ويحفظونه فحرموا هم الأحد وأحلوا السبت مع إقرارهم بأن المسيح كان يعظم السبت ويحفظه، ورأوهم ينفرون من الصليب فإن في التوراة معلون من تعلق بالصليب، والنصارى تقر بهذا فعبدوا هم الصليب، كما أن في التوراة تحريم الخنزير نصاً فتعبدوا هم بأكله. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني