الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الحلف بالله في التمثيل

السؤال

ما حكم الدين في هذه المشاهد؟ أشاهد في المسلسلات مشاهد بها مثلا الممثلة تحلف على أشياء في المشهد وهذا المشهد مؤلف مثلا وليس حقيقيا.
وأنا على علم أن الحلف بالله لابد أن يكون على حدث حقيقي وصادق وليس مؤلفا؟ أو مثلا مشهد يتم فيه تشغيل القرآن الكريم لمجرد أن المشهد يطلب ذلك؟ أو أن المؤلف أو المخرج للمسلسل هو من يقوم بعمل أحداث هو الذي يحدد من سيموت ومن سيعيش ومن سيصبح غنيا ومن سيصيب مثلا في حادث؟ على سبيل المثال مثلا مشهد أن به شخصا مات، وقال الممثل هذه إرادة ربنا وهو من تأليف المخرج أو المؤلف هل هذا يصح أن ندخل الدين وندعو الله ونحلف لمجرد مشاهد مؤلفه وليست حقيقة ؟ وأستغفر الله فيما كتبت إن كان يوجد خطأ في الأسلوب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق لنا بيان حكم التمثيل وأنواعه في فتاوى سابقة منها الفتوى رقم: 19761.

وخلاصة ما فيها أن التمثيل على قسمين: الأول قسم يخلو من المحاذير الشرعية، فالراجح جوازه.

والثاني: قسم لا يخلو منها كالاختلاط والموسيقى فلا شك في حرمته، وقد سبق ذكر ذلك في الفتوى رقم: 52921. وتجد فيها أيضا حكم تمثيل أداء الصلاة.

وعلى القول بجواز التمثيل بضوابطه فلا حرج في ما ذكره السائل من الأمور التي لا يخلو منها أو من بعضها عمل تمثيلي، ومن ذلك قراءة القرآن أو تشغيله، ما دام ذلك على وجه التعظيم والإكرام، وما دام خاليا من كل ما قد يفهم منه الاستهانة بكتاب الله.

وإنما الحرج في ما ذكر السائل في أمرين اثنين، الأول: مسألة الحلف على أشياء تخالف الواقع في مشهد تمثيلي. فإنه لا بد من صيانة اسم الله عن العبث واللعب، تعظيما وإكراما له، كما قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج: 30}. وقال سبحانه: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج: 32}.

وقد ذكر الخادمي في آفات اللسان كثرة الحلف ولو على الصدق وقال: لاستهانته بالله تعالى وانتهاك حرمة القسم واعتياد لسانه على ذلك، ولذا قال الشافعي: ما حلفت لا صادقا ولا كاذبا، قال الله تعالى: ولا تجعلوا الله عرضة جنة ومحلا {لأيمانكم} ومعنى الآية .. لا تجعلوا الله معرضا لأيمانكم فتبذلوه بكثرة الحلف لأن هذا ليس من تعظيم الله، فلا ينبغي للعاقل أن يلعب باسم ربه في محل اللعب ولا في محل ليس محلا للتعظيم. {ولا تطع كل حلاف} كثير الحلف في الحق والباطل {مهين} حقير الرأي من المهانة وهي الحقارة. انتهى.

وذكر ابن حجر الهيتمي في الكبائر: اليمين الغموس واليمين الكاذبة وإن لم تكن غموسا وكثرة الأيمان وإن كان صادقا.

وقال: روى الطبراني بإسناد جيد عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه افتدى يمينه بعشرة آلاف درهم ثم قال: ورب الكعبة لو حلفت حلفت صادقا، وإنما هو شيء افتديت به يميني. وروي أيضا عن الأشعث بن قيس رضي الله عنه أنه اشترى يمينه مرة بسبعين ألفا.

وقد سبق بيان أن إطلاق الممثلين ألفاظ النكاح والطلاق لغرض التمثيل أمر منكر، كما سبق بيانه في الفتويين: 27256، 49453.

وهذا يعني وجوب تحاشي التلفظ بهذا ولو كان تمثيلا، فأولى أن نتحاشى اليمين على أمور تخالف الواقع وتأخذ حكم الكذب.

وأما الأمر الثاني فقول السائل في سؤاله: الممثلة تحلف على أشياء في المشهد... وقد بينا في الفتاوى المحال عليها سابقا حكم تمثيل المرأة، وأنه من المنكرات.

وسبق لنا أيضا بيان بعض المخالفات الشرعية الموجودة في المسلسلات والبرامج التلفزيونية في الفتوى رقم: 1791، وبيان حكم مشاهدة الأفلام والمسلسلات الإسلامية في الفتوى رقم: 42540. ووسائل التخلص من مشاهدة الأفلام والمسلسلات في الفتوى رقم: 51077.

ويمكن لمزيد الفائدة معرفة حكم تمثيل الموت ومشاهد القيامة وأهوالها من الفتوى رقم: 75211. و حكم تمثيل دور الكفار من الفتوى رقم: 70842. وحكم كتابة قصة خيالية للتمثيل من الفتوى رقم: 46733.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني