فالأصل أنه يجوز للمسلم التعامل بالبيع والشراء والإجارة حتى مع الكافر، ولكن يشترط في ذلك ألا يكون فيه إعانة لهم على المعصية، والعمل في مجال الشرطة قد يكون جائزاً وقد يكون غير جائز؛ كما سبق بيانه في فتوانا رقم: 35198، وانظر أيضاً فتوانا رقم: 79251.
وعلى فرض أن العمل غير جائز فلا نرى حرجاً في تفصيل ملابسهم إذا كانت لا تحتوي على شعارات كفرية أو صور محرمة أو كانت ملابس للنساء لا تستر عوراتهم أو فيها تشبهاً بالرجال، لأن الملابس ليست من أدوات ظلمهم فلا يدخل تفصيل الملابس في التعاون على الظلم والعدوان.
قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ولا يحل للرجل أن يكون عونا على ظلم فإن التعاون نوعان:
الأول: تعاون على البر والتقوى, من الجهاد وإقامة الحدود, واستيفاء الحقوق وإعطاء المستحقين , فهذا مما أمر الله به ورسوله, ومن أمسك عنه خشية أن يكون من أعوان الظلمة, فقد ترك فرضا على الأعيان, أو على الكفاية متوهما أنه متورع, وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع, إذ كل منهما كف وإمساك .
والثاني: تعاون على الإثم والعدوان, كالإعانة على دم معصوم, أو أخذ مال معصوم , أو ضرب من لا يستحق الضرب, ونحو ذلك , فهذا الذي حرمه الله ورسوله. اهـ.
أما إذا أردت التورع عن ذلك فلا حرج أن تتورع عنه إن لم يكن عليك ضرر ، قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والأربعون والخمسون بعد الثلاثمائة: ظلم السلاطين والأمراء والقضاة ... والدخول على الظلمة مع الرضا بظلمهم وإعانتهم على الظلم والسعاية إليهم بباطل. ثم قال: قال سعيد بن المسيب: لا تملؤوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لئلا تحبط أعمالكم الصالحة . ... وجاء خياط إلى سفيان الثوري رحمه الله تعالى فقال: إني أخيط ثياب السلطان أفتراني من أعوان الظلمة؟ فقال له سفيان: بل أنت من الظلمة أنفسهم , ولكن أعوان الظلمة من يبيع منك الإبرة والخيوط . اهـ.
وقال أبو بكر المروزي لَّما سجن أحمد بن حنبل جاء السجان فقال له: يا أبا عبد الله الحديث الذي روي في الظلمة وأعوانهم صحيح؟ قال الإمام أحمد: نعم قال السَّجَّان : فأنا من أعوان الظلمة؟ قال الإمام أحمد فأعوان الظلمة من يأخذ شعرك ويغسل ثوبك ويصلح طعامك ويبيع ويشتري منك، فأما أنت فمن الظلمة أنفسهم.
والله أعلم. |