الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فاضل أبوهم بينهم بغير داع وأوصى وصية لبعضهم

السؤال

نحن في العائلة بنتان وأربعة أولاد أريد أن أبني لثلاثة أولاد مسكنا فوق بيتنا وله قطعة أرض فيها 470م أعطاني أنا وأختي كل واحدة منا 125م وتبقى من إخوتي الأولاد واحد أعطاه 220م وبقيت له قطعة أرض أخرى على طريق رئيسي فيها 575م انتزعوا منها 220م لإقامة منعطف على الطريق الرئيسي أقمنا شكوى للقضاء ربحناها والحمد لله وأخذنا مبلغا قيمته 140الف دينار قيمة الأرض المنتزعة بقي فيها 317م توفي والدي مع العلم أمي حية ترزق أخي الكبير قال بعد وفاته بثلاثة أيام إن والدي ترك له وصية ليست كتابيا بل شفهيا هي أن ما أعطاه لنا في الحياة شفهيا ينفذ وبيت العائلة يبقى للكل ولا أرضي عنكم إذا بعتم شيئا،أما قطعة الأرض التي بها 317م على الطريق الرئيسي هي للأولاد فقط وعندي شاهد هو صديق لأخي وأبي فلم أوافقه على حديثه ولا وصية لوارث، وأخي لم يذكر والدتي وهي لا تبالي بذلك المسكينة فأمي أمية فطلبت منها أن تطلب حقها فلها الثمن مما يملك أبي فمانعت بطلب حقها وأصر على كلامه، أما 140الف دينار قال لكم فيها كل واحدة 14الف دينار وهذا ما لكم مع العلم أخي يشتغل بوزارة العدل، طلبت من أخي أن نأتي بإمام مسجد لأني لست راضية على ما يقول بالنسبة لقطعة الأرض التي فيها 317م قلت له للذكر مثل الانثيين فلم يوافق على ذلك وأسر بأنه يريد أن ينفذ ما يدعي بأنها وصية وقال لي أبي لا أريد زوج ابنتي أو ابنها ان يشاركوا أولادي في تلك الأرض أريد أن يقام فيها مشروع للذكور فقط وهذا أراه أنا كمسلمة كلام جهل ليس إلا، وأبي كان طيبا جدا وحنونا علينا جميعا بنات وأولاد مع العلم أنا مطلقة وعندي بنت لها أربعة عشرة سنة في كفالتي وأختي لها 45 سنة وليست متزوجة ليس لدينا أولاد ومع ذلك هذه سنة الله في خلقة إذا كان أبي يفكر بهذه الطريقة لن يزوجني اقترحت على أخي بأن نأتي بإمام مسجد لنستشيره على ما يقول لم يرد ذلك, وأخي الأوسط اقترح علي قال نعطيك أنت وأختك تعويض لنا بجانب الفيلا التي نسكن استوديوا فيه بيت نوم صالون وبيت استقبال اتفقنا نحن الذكور أن نكتبه باسمك وفوقه سوف نبني لأختي كتعويض المهم قطعة الأرض التي هي على طريق رئيسي ليس لنا فيها والمصيبة في ذلك كل العائلة أيدوه إلا أنا، وقال لي إن لم يعجبك هذا أمامك القضاء وبيتي الذي أسكن فيه وهبه أبي لي، إخوتي وأمي شهود على ذلك وسأكتبه باسمي وإن ذهبت للقضاء فانسي أن لك أخا وأمي قالت لي إن ذهبت لتشتكي إخوتك للقضاء لن أرضى عنك قالت لي 14الف د بني ثلاثة دكاكين بقطعة الأرض التي بها 125م واكريهم وتسكني معي بالبيت وهذا بيت العائلة كلها ولا تخسري أخيك وهذا ما كتب الله لك أنا في قلبي لست راضية فهذا أراه ليس عدلا، الله سبحانه وتعالى أعطى كل ذي حق حقه، لماذا أخي الكبير يصرعلى حرماننا من ميراث أبي كله، أنا لا أشتغل ملتزمة والحمد الله لبست الحجاب عندي تقريبا سنة لا أريد أن أشتغل في الاختلاط أريد أن أعيش بالذي تركه لي أبي طلبت الشرع في الميراث ليس إلا فهذا رزق من عند الله، أخي وكأنه سيعطيني من عنده، الكل من عند الخالق، أخي هذا يصلي، أنا غاضبة جدا عليه لا أستطيع حتى أن أنظر إليه لأنه ظلمنا أنا وأختي وأمي، فهل ما فعله يجوز شرعا هو لا يريد أن نقسم بالشرع مركزا على ما قال بأن أبي هو الذي أوصى بذلك ،هل أتنازل طاعة لأمي وأكتفي بالذي أعاطاني إياه أبي شفهيا في حياته وأشكو أمري لله ويبارك لي الله فيه أم بماذا تنصحوني، أنتظر الإجابة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اشتمل سؤالك على أمرين:

الأول: هبة الوالد لكم في حياته ما ذكرت من المسكن والأرض، فالواجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية، وسبيل ذلك عند جمع من العلماء هو أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كما في الميراث، كما أن تفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم. وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون داع إلى ذلك أثم ووجبت عليه التوبة بأحد أمرين، إما برد ما فضل به البعض وإما بإعطاء الآخر ما يتم نصيبه. قال ابن قدامة في المغني. فإن مات الأب قبل أن يرجع عن جوره ردت الهبة على الراجح. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 6242، 14254، 8147، 78654، 93877، 100796.

الأمر الثاني: وصية الوالد التي أوصاها لأخيك فالوصية للوارث لا تجوز إلا إذا أجازها الورثة، وقد روى الترمذي عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته فسمعته يقول: إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ولا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

والإضرار في الوصية محرم شرعاً كما قال الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ.{النساء:12}.

ومن الإضرار فيها الوصية بأكثر من الثلث، والوصية بقصد حرمان الآخرين أو نقص أنصبائهم، فإن الله سبحانه وتعالى قد تولى قسمة التركات بنفسه ولم يكلها إلى نبي مرسل ولا ملك مقرب، وتصدق على صاحب المال بثلث ماله يضعه في وجوه البر والخير، فيجب على المسلم أن يلتزم بذلك ولا يتعدى حدود الله. قال تعالى: وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ.{النساء:14}.

فالذي ننصحك به أن تنصحي أخاك في رفق ولين وتبيني له الأدلة الشرعية على عدم جواز الوصية للوارث إلا بإذن الورثة ويمكنك الاستعانة بأهل الخير والصلاح في ذلك، وإن كنت محتاجة لهذا الميراث وكان في ترك المطالبة به ضرر عليك أو الوقوع في محظور شرعي كالعمل في مكان مختلط فالذي ننصحك به أن تطالبي به ، وأما إن كنت في كفاية ولن تكوني مضطرة للعمل المختلط وغير محتاجة لهذا الميراث ورأيت أن تنازلك عن بعض حقوقك سيكون فيه إصلاح ذات بينكم فيجوز لك أن تتنازلي عن نصيبك من الميراث إذا طابت نفسك بذلك وفي ذلك أجر للهبة ولصلة الرحم، ولا مانع شرعاً من التنازل عن الميراث فهو كغيره من أنواع الهبة، إذا استوفى شروط الهبة مضى، وإلا فلا يمضي ، ولا شك أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك وأن يبارك لك في مالك. ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 1445 ، 9088، 26630، 66519، 99714.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني