السؤال
ما حكم من لم يتطهر من النجاسة شهرا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت هذه النجاسة حسية، بأن كان على بدن هذا الإنسان أو ثوبه الذي يُصلي فيه عينٌ من الأعيان النجسة كالبولِ والعذرة والدم الكثير وتركَ إزالتها شهرا، فإن كان عالماً بالحكم عامداً للترك، فقد أثمَ إثماً عظيماً لتعمده الإخلالَ بشرطٍ من شروط الصلاة وهو اجتناب النجاسة، وعليه قضاء تلك الصلوات التي صلاها على هذه الحال لأن ذمته لم تبرأ منها، وأما إن كان جاهلاً بالحكم أو بالنجاسة أو ناسياً لوجودها فلا إثم عليه؛ لقوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة: 286} وقال الله في جوابها ( قد فعلت ) أخرجه مسلم، وفي وجوبِ قضاء تلك الصلوات قولان أصحهما عدم الوجوب وهو اختيارُ شيخ الإسلام ابن تيمية.
وأما إن كان مقصود السائل بهذه النجاسة التي ترك إزالتها كالحدثِ الأصغر أو الأكبر فإن من تركَ رفع هذا الحدث عالماً عامداً فقد أثمَ إثماً عظيماً، وأتى كبيرةً من أكبر الكبائر لأن ذلك الفعلَ يلزمُ منه تضييع صلاة شهر، وإذا كان تركُ الصلاة الواحدة أعظمُ من الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس بإجماع المسلمين كما قال ابن القيم فكيفَ بترك صلاة شهر.
فعلى من فعلَ هذا التوبة النصوح، وأن يُبادرَ برفع حدثه بالوضوء أو الغسل، ثم يقضي ما فات من صلوات في تلك المدة.
وأما إن كان تركه ذلك عن نسيانٍ أو جهل كأن نسيَ أنه كان على جنابة، ثم تذكرَ بعد شهر فلا إثم عليه في هذه الحال للدليل المذكور سابقاً، ولقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}، ويلزمه قضاءُ الصلوات التي صلاها بغير طهارة في تلك المدة لأنها وقعت غير صحيحةٍ في نفس الأمر فلم تكن مُسقطةً للفرض، ولم تزل ذمته مشغولةً بها فلا يبرأ إلا بفعلها.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني