الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب اجتناب المعاصي وعدم التعلل بضعف الإرادة

السؤال

هناك أمور يستمر بفعلها الإنسان وعندما نسأله ألا يمكنك تركها فيقول ضعيف الإرادة، السؤال أيهما ذنبه أعظم الإنسان الذي يشرب السيكارة ( يدخن) أم الإنسان الذي يشاهد أفلاما جنسية بوحده؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن المسلم بإيمانه واستعانته وتوكله على الله ثم بقوة عزيمته وتمسكه بدينه يمكنه أن يستقيم على الخير ويجتنب الشر كله، وحسبنا في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم.

قال النووي: المراد بالقوة هنا عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة. ومعناه احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك، ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة. اهـ.

وقال السعدي في التفسير: فلا يصح أن يقترف المرء ذنبا أو يرتكب معصية أو يتعدى حدا من حدود الله ثم يعلق ذلك بضعف الإرادة ولا يبالي وكأن الأمر هين، أما يخشى هذا أن يكون له نصيب من قول أهل النار: رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ، أي غلبت علينا الشقاوة الناشئة عن الظلم والإعراض عن الحق والإقبال على ما يضر، وترك ما ينفع، وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ في عملهم وإن كانوا يدرون أنهم ظالمون أي فعلنا في الدنيا فعل التائه الضال السفيه كما قالوا في الآية الأخرى: وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ .

وقال أيضا: ثم إنه يجب على المسلم أن يتمثل أمر الله القائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ أي في جميع شرائع الدين ولا يتركوا منها شيئا وأن لا يكونوا ممن اتخذ إلهه هواه إن وافق الأمر المشروع هواه فعله وإن خالفه تركه بل الواجب أن يكون الهوى تبعا للدين وأن يفعل كل ما يقدر عليه من أفعال الخير.

ويمتثل أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم. متفق عليه.

أما مسألة التدخين ومشاهدة الأفلام الخليعة وأيهما أعظم جرما وأكبر ذنبا فكلاهما مما حرمه الله، أما التدخين فقد سبق بيان أدلة حرمته في الفتويين: 1671، 1819، وبيان كيفية الإقلاع عنه في الفتوى رقم: 30122.

وأما الأفلام المسؤول عنها فلا تخفى حرمتها وأنها من أعظم أسباب الفساد ومن أقوى معاول هدم الأخلاق ونشر الرذيلة وقتل الفضيلة ومن الأسباب المباشرة للوقوع في الفواحش كما سبق بيانه في الفتويين: 3605، 30945.

وأما المقارنة بين حرمة التدخين وحرمة مشاهدة تلك الأفلام فهما أمران أحلاهما مر، وعلى أية حال فإثم هذه الأفلام أشد وأثرها أقبح وخطرها أعظم، ومما يبين ذلك ما سبق أن ذكرناه في الفتوى رقم: 27224، من أن مشاهدتها تعد من الكبائر، وأما التدخين فالأصل فيه أنه من الصغائر والإصرار على ذلك يجعله كبيرة كما ذكرناه في الفتوى رقم: 25998.

ولا يخفى أيضا أن التدخين يتعلق إفساده أصالة بالمال والبدن، وأما تلك الأفلام فإفسادها يباشر القلب ويظلم الصدر، والقلب إن فسد فسد الجسد كله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني