السؤال
بارك الله فيكم وحفظكم الله من كل سوء، توفي أبي رحمه الله رحمة واسعة وأموات المسلمين، وبقي بعد وفاته زوجتان وخمسة أبناء وعشر بنات، ولديه بيتان تسكن كل زوجة وأبنائها في بيت، أحدهما عليه دين للبنك العقاري والآخر قام بسداده قبل وفاته.. ولديه عقارات أخرى، ومبلغ في البنك، ومبلغ نقدي في الخزانة، وله علي أنا وإحدى أخواتي دين كنا نسدده على أقساط شهرية، والآن لا نستطيع دفع المبلغ كاملاً، فكيف يكون تقسيم الميراث، وما الحل لبعض المشاكل الشائكة التي ذكرتها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن توفي عن زوجتين وخمسة أبناء وعشر بنات ولم يترك وارثاً غيرهم -كأب أو أم- فإن لزوجتيه الثمن، لقول الله تعالى في نصيب الزوجات: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12}، والباقي يقسم بين أبنائه وبناته للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11}، فتقسم التركة على (160 سهماً)، لكل زوجة (10 أسهم)، ولكل ابن (14 سهماً)، ولكل بنت (7 أسهم)، فكل ما تركه الميت من مال وعقار ومساكن وغير ذلك يقسم على ما ذكرنا، والدين الذي على بعض الأولاد لأبيهم يصير من حق الورثة بعد وفاة أبيهم فيدخل في التركة ويقسمونه بينهم على ما سبق ذكره، ومن كان عاجزاً منهم عن السداد فللورثة أن يخصموا قيمة الدين الذي عليه من نصيبه في الميراث، والأقساط المتبقية على البيت للبنك العقاري تخصم من التركة قبل قسمتها، لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال، ولأنه يحل بموت المدين، فيسدد ذلك الدين من تركة الميت.. ثم يقسم الباقي بينهم على ما ذكرناه.
وإذا كان القرض الذي للبنك قرضاً ربوياً فلا يستحق البنك إلا ما أقرضه للميت، ويحرم دفع الزيادة الربوية للبنك إلا إذا ألجأ الورثة لذلك.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.