السؤال
كنت أعانى من وسوسة في العبادات، وخاصة في النذر، وفي إحدى المرات كانت أمي جالسة بقربي، فأردت أن أجرب صيغة النذر بتحريك الشفتين، ثم طلبت منها هل سمعت شيئا، فقالت لا، وسؤالي هل تحريك الشفتين دون خروج أدنى صوت يعتبر تلفظا ينعقد به النذر، و النذر المطلق هل يجب الوفاء به فورا، كما قرأت للعثيمين؟ وإن كان الوفاء به فورا هل تعتبر الدراسة والامتحانات عذرا لتأخير الوفاء بالنذر إن كان صياما؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 11044 ، أن النذر لا ينعقد إلا بالتلفظ به، وأقل ما يكون من التلفظ هو أن يسمع نفسه عند انتفاء العوارض، ويرى شيخ الإسلام أن إسماع النفس ليس شرطا، بل المشترط عنده هو أن يخرج الحروف من مخارجها، فإذا كنت قد أسمعت نفسك صيغة النذر، فقد انعقد نذرك ولزمك الوفاء به، وإن لم تكوني أسمعت نفسك وكنت أخرجت الحروف من مخارجها، فقد انعقد نذرك عند شيخ الإسلام، وإذا شككت فالأصل براءة الذمة، فإن النذر لا ينعقد بالشك. وانظري الفتوى رقم: 113956.
ونصيحتنا لك أن تتركي إنشاء النذر، وألا تستسلمي للوسواس، فإن أمر النذر خطير، وشأنه شديد، فليس هو من الأمور التي تخضع للتجربة، وقد بينا في الفتوى رقم: 34075، أن النذر ينعقد بمجرد التلفظ به ولو بغير نية.
وأما هل الوفاء بالنذر المطلق يجب على الفور أو على التراخي، فمسألة خلاف بين أهل العلم.
فذهب الأحناف والمالكية وبعض الحنابلة إلى أن الوفاء به على التراخي، وعمدتهم أن له حكم الواجب الموسع. قال في منح الجليل: فإن كان النذر مبهم الزمن فله المنع لأنه ليس على الفور. انتهى.
وأطال الكاساني في بدائع الصنائع في الانتصار لهذا القول.
والقول الثاني: أن الوفاء به يجب على الفور قال الدمياطي الشافعي في إعانة الطالبين: وإذا انعقد لزمه ما التزمه فورا في النذر المنجز، وعند وجود المعلق عليه في المعلق. انتهى.
وذكر في الإنصاف أن أحمد نص على وجوب الوفاء بالنذر فورا.
وعمدة هذا القول مطلق الأمر والخروج من عهدة الواجب. وهذا ما رجحه الشيخ العثيمين في الشرح الممتع.
ولا شك في أنه أحوط وأبرأ للذمة، والقول الأول له قوة واتجاه.
وللمزيد انظري الفتوى رقم: 471، 21393.
والله أعلم.