الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم وصف الإنسان نفسه بأنه عالم رباني

السؤال

هل يحق للعالم وصف نفسه بالعالم الرباني ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن العالم الرباني هو العالم العامل المعلم، فإن حرم خصلة منها لم يقل له رباني كما قال أهل التفسير عند قول الله تعالى: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ {عمران:79}. أي علماء عاملين منسوبين إلى الرب بزيادة الألف والنون للتفخيم.

وراجع في تعريف العالم الرباني فتوانا رقم: 45808.

ولو اتصف المسلم بصفات العالم الرباني فعلا فعليه أن يحمد الله تعالى على ذلك ويسأله العون على شكره.

ولا ينبغي له أن يزكي نفسه ويصفها بذلك لأن تزكية النفس منهي عنها شرعا ومذمومة طبعا فقد قال تعالى: فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى {النجم:32}.

وقال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً {النساء:49}.

قال القرطبي في تفسيره هذه الآية وقوله تعالى: فلا تزكوا أنفسكم يقتضي الغض من المزكي لنفسه بلسانه والإعلام بأن الزاكي المزكي من حسنت أفعاله وزكاه الله عز وجل، فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه وإنما العبرة بتزكية الله له.

وكان السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم يبتعدون عن تزكية نفوسهم ويكرهون ذكر مآثرهم وهم الذين زكاهم الله تعالى في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: وقد كان الرجل منهم إذا زكي قال: اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واغفر لي ما لا يعلمون. رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.

وفي رواية غيره: كان أبو بكر إذا مدح قال اللهم أنت أعلم مني بنفسي وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون.

ولذلك فالعالم الرباني لا يزكي نفسه ولا يغتر بتزكية غيره ومدح الناس له..

وعليه أن يقتدي بالسلف الصالح ويبتعد عن كل ما يجر إلى الغرور..

ومحل النهي عن تزكية النفس وذمه كما قال العلماء: إذا كان بقصد الفخر والتعالي على الناس أو ما أشبه ذلك، وأما إن كان لمقصود شرعي فلا حرج فيه.

انظر تفاصيل ذلك وأدلته في الفتوى رقم: 74140.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني