السؤال
الشركة التي نعمل بها فيها قاعات عمل كبيرة، تسع الواحدة ما يقرب من 60 شخصا، بيننا فرد واحد مسيحي، أثناء العمل يقوم المشرف بفتح القرآن من على جهاز الكومبيوتر بصوت كبير، هذا الشخص المسيحي لم يعترض على ذلك إطلاقا، رغم أن نظم العمل تمنع ذلك، كون الشركة أجنبية في الأساس. في مرة قام المشرف بتشغيل القرآن على سورة المائدة، وهى طبعا تحتوى على مواجهات عقدية واضحة بيننا وبين النصارى، فقام أحد الإخوة بمخاطبة المشرف بأن يغير السورة لأي سورة أخرى حتى لا نثير حساسيات في العمل بيننا وبين هذا الزميل المسيحي، ثم بعد ذلك ندم وأحس بأنه أخطأ. والآن يسأل هل ما قام به صواب أم أنه خطأ كبير يستوجب منه التوبة والاستغفار؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله جل وتعالى أمر نبيه بدعوة الكافرين إلى الإسلام، وكان من شأنه صلى الله عليه وسلم في دعوتهم أن يتلو عليهم القرآن، كما في قراءته لآيات من سورة فصلت على الوليد بن المغيرة، وهل أسلم عمر بن الخطاب إلا بعد أن سمع آيات من كتاب الله تعالى تتلى؟! وقد أخبر جبير من مطعم أن أول دخول الإسلام في قلبه آيات من سورة الطور سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك مما يثبت أثر استماع القرآن في هداية القلوب، وقد قال تعالى: فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ {ق:45}.
ومن شدة تأثير القرآن على القلوب أن الكفار كانوا يتواصون بالفرار عن سماعه، وأن يرفعوا أصواتهم ويشوشوا عند تلاوته، كما قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ {فصلت:26}.
ولعل استماع ذلك النصراني (محل السؤال) لسورة المائدة ينفعه في تصحيح تصوره الذي عنده، ويكون ذلك هاديا له إلى سواء السبيل، فيؤمن بالله وحده.
والظاهر أن زميلك في العمل ظن إن إسماع النصراني تلك السورة، قد يتسبب في منع استماع القرآن في أوقات العمل عبر مكبرات الصوت بما يعود بالضرر على باقي الموظفين، فقدم تلك المشورة بتغيير السورة، وإن كان الأمر كذلك فعلا فالخطب إن شاء الله يسير، ونسأل الله أن يعفو عنه، لأن الظاهر أنه كان يريد خيرا.
والله أعلم.