السؤال
حدثت لي مشكلة من شهرين لما توفي ابن خالتي فجأة بحادث سيارة، وأنا من ذلك الوقت أرى منامات وكوابيس، وأخاف كثيرا وأرى نفسي كأني سأموت، وخائفة من الموت كثيرا، وحتى الأكل لا آكل، ودراستي لا أعرف أدرس أبدا، وحتى النوم أخاف أنام، وحالتي سيئة جدا، وأمي حزينة علي، لكن ليس بيدي.
أرجوكم ساعدوني، وبالمنام أرى الناس الذين يعرفونني، ورفيقاتي يقبلونني، وأنا خائفة كثيرا من هذا الشيء، وكل ما أفتح عيوني بالليل أسمع صوت الآذان لصلاة الصبح؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن دوام تذكر الموت والاتعاظ والاعتبار به كل ذلك مطلوب شرعاً، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا ذكر هاذم اللذات. يعني: الموت. رواه النسائي، والترمذي، وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
قال الإمام القرطبي: قال الدقاق: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة. ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة.
وقال السدي في قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ.{الملك: 2}. أي: أكثركم للموت ذكراً، وله أحسن استعداداً، ومنه أشد خوفاً وحذراً.
ولكن على المسلم أن يكون ذكره للموت دافعا له نحو فعل الطاعات وترك المعاصي والشهوات، فمن كان كذلك فقد أوتي خيراًعظيماً, وهو بهذا ماض على سنن الأنبياء والمرسلين الذين قال الله فيهم: إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ. {ص: 46}.
أما إن تحول ذكر الموت إلى سبب للقنوط واليأس، وترك القيام بمصالح الدين أو الدنيا فهذا مذموم، وهو من خطوات الشيطان لشغل الإنسان عن مصالحه.
فعليك أن تستثمري أيتها السائلة هذا الحادث الذي نزل بكم للترقي في منازل الإيمان والعمل الصالح، والتنافس في الخيرات.
أما ما ترين في منامك من أحلام مزعجة وكوابيس, فادفعيه عنك بكثرة ذكر الله في كل الأوقات وعلى جميع الأحوال, وحافظي خصوصا على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، واحرصي على النوم وأنت على طهارة, وأكثري من الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه أن يصرف عنك همزات الشيطان ويعيذك من شروره ونزغاته.
والله أعلم.