الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وهبت أرضا لأخيها ولم توثقها فانتحلت زوجته شخصيتها ووثقتها

السؤال

ورثت والدتي قبل 40 عاما 120 دنم أرض من والدها، ويوجد لي خال وحيد فقررت والدتي التنازل عن الأرض لخالي الوحيد، وبالفعل ذهبت إلى دائرة الأراضي لعمل التنازل، لكن في اليوم الأول لم تتم معاملة التنازل، وقرر موظف الأراضي المراجعة في اليوم التالي لإتمام المعاملة، ولكن في تلك الليلة مرضت والدتي وذهبت إلى فلسطين للعلاج، وذهبت بدل والدتي زوجة خالي على أساس أنها والدتي، وبالفعل تم الأمر وأصبحت الأراضي باسم خالي، علما بأن خالي قد مات وورثه أولاده، ووالدتي قبل فترة فكرت في رفع دعوى ضد زوجة خالي لاسترجاع الأراضي عن طريق المحكمة ولكنها ترددت ولم تفعل، هل يلحق خالي الميت وزوجة خالي إثم؟ وماذا على والدتي أن تفعل؟ وهل يلحق والدتي إثم؟ وهل خالي مرتاح في قبره؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كانت والدتك من بداية الأمر قد أقرت بتنازلها عن نصيبها لخالك شفهيا ولم يتبق إلا إجراء المعاملات الرسمية لتوثيق ذلك، ثم أتمتها زوجة خالك على أنها والدتك، وبعد الإتمام أقرتها والدتك في حياة خالك على هذا التنازل ولم ترفضه، فلا حق لكم في هذه الأرض، لأنها قد خرجت من ملكية والدتك لأنها وهبتها لخالك وقبضها منها، فلا يحل رجوعها في ذلك، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية: مَثَلُ الَّذِي يَرْجِعُ فِي صَدَقَتِهِ كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ فَيَأْكُلُهُ.

وتكون زوجة خالك قد أساءت بانتحالها شخصية والدتك وغشت المسؤولين في معاملتها وهذا لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا رواه مسلم، ولكن ذلك لا يبطل ذلك الهبة لأنها تمت بموافقة والدتك، وكذلك لا يلحق والدتك إثم سواء في هبتها الأرض لخالك، أو عدم رفعها دعوى ومطالبتها بالأرض، بل لا يجوز لها رفع دعوى ما دامت وهبت خالك برضاها كما ذكرنا في التفصيل السابق. ولا أثر لهذا علي خالك في قبره فهو لم يرتكب إثما.

وأما إن كانت والدتك لما مرضت ولم تتم المعاملة غيرت رأيها في هبة الأرض لخالك فكان عليها ألا تقر بملكية خالك للأرض ولا بصحة تصرف زوجته باسمها، ولا يلام خالك على فعله إلا إن كان علم بذلك ولم يعطها حقها لأن أوراق الملكية صارت باسمه، وسكتت أمك حياء أو عجزا، وحينئذ فهم غاصبون للأرض، ويجب على الورثة إبراء ذمة مورثهم -خالك- بإرجاع الحق لكم، حتى لا يحاسب على ذلك، ففي صحيحي البخاري ومسلم عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ.

ولا يلحق والدتك إثم، وإن سكتت فهو حقها فلها المطالبة به أو ترك ذلك، ولمعرف المزيد عن حكم الرجوع في الهبة تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 11760 ، 20625 ، 33868 . وهذه الفتوى حسب ما علمنا من السؤال، وإلا فهذا الموضوع من مهام القضاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني