الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقسم بالله أن امراته إذا طلبت منه الطلاق ستكون محرمة عليه

السؤال

أنا رجل متزوج منذ عشر سنوات، وعندي أربعة أطفال والحمدلله، أموري متيسرة، وأحب زوجتي وبيتي وأولادي، ومقدس كل وقتي لتلبية احتياجاتهم، ولكن زوجتي هداها الله كانت باستمرار تحصل بعض المشاجرات بصفه دائمة، وفي بداية حياتنا الزوجيه أخذنا فترة طويلة لحد ما تأقلمت حياتنا مع بعض، وبالرغم من ذلك في كل مشاجرة كانت تطلب مني الطلاق، وكثيرا ما أفهمها بأن هذا الأمر ليس حلا، ولاحظت منها ببعض الأوقات أنها باستمرار تطلب هذا الطلب، وأكثر من مرة أنصحها بأن لا تطلب هذا الطلب، وفي كل مرة أحس بأن هذا يسبب لي جرحا بكرامتي، ومن منطلق هذا السبب حلفت عليها، وقلت لها بهذ اللفظ: والله والله والله العظيم إذا طلبت هذا الطلب مرة ثانية لتكوني محرمة علي مثل أمي وأختي، وسأنفذه لك، وبالفعل تقريبا ستة أشهر ماطلبت هذا الطلب، وفي يوم من الأيام وعلى التليفون اتصلت وقالت لي أين أنت؟ قلت لها: أنا مع واحد صاحبي وبعد قليل سأحضر للمنزل، فقالت لي طيب تعالى بسرعة لأني أريدك تطلقني الآن، وأتيت إلى المنزل وقلت لها أنت نسيت أني حالف يمينا على هذا الطلب، والآن تطلبينه، قالت لي ليس ذنبي، تصرف، سألت أحد المشايخ ونصحوني بفك اليمين، ولا تعود نفسك على هذا الحلف مرة اخرى، وأفتوني بصيام ثلاثة أيام أو إطعام عشرة مساكين أو عتق رقبة، وبالفعل أطعمت عشرة مساكين، ولكني الآن انا في حيرة، هل هذا يعتبر صحيحا أم لا؟ وهل حياتنا مع بعض أصبحت محرمة أم لا؟ برجاء أفتوني بهذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنود أن ننبه أولا إلى أنه ينبغي أن يحرص الزوجان على فعل كل ما من شأنه استقرار الحياة الزوجية، فإن استقرارها من أهم مقاصد الشرع من الزواج، بالإضافة إلى أن هذا من أهم عوامل النجاح في تنشئة الأبناء تنشئة سوية.

قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}

ولا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها الطلاق لغير مسوغ شرعي، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس، فالجنة عليها حرام. ثم إن عليها أن تعرف لزوجها حقه ومكانته فلا تفتعل معه المشاكل أو ترفع صوتها عليه، فإن هذا نشوز ومعصية. وراجع الفتوى رقم: 1103.

وفي ما يخص اللفظ الذي صدر منك فإنه يحتمل أحد أمرين الأول أن يكون القصد منه تعليق الطلاق على مجرد تقديمها للطلب، ويكون الطلاق واقعا في هذه الحالة بمجرد تقديمها للطلب.

والثاني: أن يكون ما صدر مجرد يمين على أنك ستطلقها إن هي طلبت الطلاق ويمكنك في هذه الحالة أن لا تفعل ما حلفت على فعله، وهو تحريم زوجتك وتكفر كفارة يمين، وهي على التخيير، إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجد شيئاً من ذلك فعليك أن تصوم ثلاثة أيام. كما قال تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 89}

فعليك بالعمل بهذا التوجيه الرباني بحفظ يمينك فتجتنب الحلف لغير حاجة، هذا بالإضافة إلى أن عليك الحذر من ألفاظ الطلاق والتحريم ونحو ذلك مما قد تكون عاقبته الندامة.

وعلى افتراض أنك قصدت الاحتمال الثاني فلا شك أن الحنث هنا والتكفير أولى من تنفيذها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف علي يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه. رواه مسلم وغيره. وراجع الفتوى رقم: 42984.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني