الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الصديقة من صديقتها إذا كانت تكذب وتغتاب

السؤال

لي صديقة كنت أقول لها كل أسراري بما فيها مشاكلي مع أهل زوجي، كنت أقول لها ذلك من أجل أن أتأكد فيما إذا كان الحق معي أم معهم.
ووالله كنت أندم بعد ذلك وأدعو الله أن يبعد هذا الشيء عني لأنه من الغيبة، المهم بعد مدة اكتشفت أن صديقتي كانت تكذب علي في كثير من الأشياء، وتأكدت من ذلك، وأنا الآن نادمة أني أعطيتها أسراري ولا أعرف ماذا أفعل، لأني أصبحت أخشى أن تبوح بأسراري. فبماذا تنصحوني؟ وهل أقطع علاقتي بتلك الفتاة؟ مع العلم أني ولأكثر من مرة لاحظت أنها تظهر عيوب بعض الناس أمامي في أحاديثها العادية، أي لا أعرف إذا كانت تقصد الغيبة أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن الكذب محرّم وأنّه من أرذل الأخلاق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، و إن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. متفق عليه.

كما أنّ الغيبة محرمّة، و قد صوّر الله فاعلها في صورة بشعة، قال تعالى: .. وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ. {الحجرات: 12}.

وقد عرّف النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ، قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ. صحيح مسلم.

أمّا عن سؤالك، فما تقوم به هذه المرأة من ذكر عيوب الناس هو من الغيبة المحرّمة إلاّ أن يكون لمصلحة شرعية وذلك في المواضع التي رخّص الشرع فيها، كالتظلّم، وطلب المشورة، مع الاقتصار على قدر الحاجة، وانظري هذه المواضع في الفتوى رقم: 6082.

واعلمي أنّه لا يجوز استماع الغيبة وإقرارها، وإنما يجب الإنكار على المغتاب، قال النووي في رياض الصالحين:

باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبةً مُحرَّمةً بِرَدِّها والإنكارِ عَلَى قائلها، فإنْ عجز أَوْ لَمْ يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه.

فعليك بنصح هذه المرأة وتحذيرها من عواقب الكذب والغيبة، فإن أصرّت على ذلك فلا خير لك في صحبتها. فعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا تُصَاحِبْ إلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَك إلَّا تَقِيٌّ. رواه أبوداود وحسنه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني