الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

شيخي الكريم: أريد أن تفتوني في مسألتي هذه وبارك الله فيكم.. جدة أبي قبل وفاتها كتبت لأبي قطعا من الأرض كانت تملكها بحكم أنه كان يعيلها، وقد وجد أبي وثيقة تبين أن إحدى القطع كان نصفها لجدته والنصف الآخر لعمه (وهو أخ لأبيه من زوجة جده الثانية)، فلما قال لجدته قالت بأن تلك القطعة اشترتها كلها من زوجها ويبدو أن هذا الأخير قد كتب لها نصف هذه القطعة والنصف الآخر لابنه من الزوجة الأخرى، وهي لا تعلم بذلك؛ لأنها لا تعرف القراءة، وقد شهد بعض الناس على أن تلك القطعة كانت تتصرف فيها جدة أبي لوحدها، ولم يسبق لهم أن شاهدوا أحدا دونها يتصرف فيها. والجزء الثاني من القصة أن زوجة عم أبي تعلم أن نصف القطعة هو لزوجها المتوفى مع العلم بأنها لم تنجب أولاداً، وقالت لأبي بأنها متنازلة لذلك النصف له، وأبي يريد بيع هذه القطعة، فقلت له بأنه عليه أن يعيد الحقوق من نصف القطعة للورثة وهم أعمامه وأبناء أعمامه (المتوفون) الذين لا يعلمون بهذا الأمر، فقال إن جدته كتبت له القطعة كلها باسمه وهي ملك لها كلها، وإن جده قد خالفها دون علمها، وكتب لعمه النصف مع أنها أعطته المال على أساس أن يبيعها القطعة كاملة، لذلك فهو يعتبرها ملكا له وحده، فهل ما قلته لأبي صواب أم ما يعتبره هو الصواب؟ أرجو من الله أن تكون قد فهمتموني. أفيدوني بعلمكم جزاكم الله خيراً، وعذراً على الإطالة؟ دمتم بخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه المسألة شائكة، ولا بد من الرجوع فيها إلى المحاكم الشرعية، لكن نزولاً عند رغبة السائل نبين بعض الأحكام بإيجاز:

أولاً: إن كان الزوج قد باع جميع قطعة الأرض لزوجته فإنها تكون ملكاً خاصاً بها، ولها التصرف فيها بما تشاء، ولا اعتبار لما كتبه زوجها باسم ولده ، سواء أكان ذلك قبل بيعه للأرض أم بعده، لأنه إذا كان قبل بيعها فإنه يكون رجوعاً منه في هبته، وللأب الرجوع في هبته لابنه، وإذا كان قد كتب ذلك بعد بيعها لزوجته فإنه لا اعتبار لذلك لأنه لا يملكها.

وأما إذا لم يكن قد باع لها الأرض كاملة، وكان لورثة ابنه الثاني (عم أبيك) بينة على أنه لم يبعها سوى نصفها وأنه وهب النصف الباقي لمورثهم، فإنه ينظر حينئذ إذا كان الرجل قد أوصى بالنصف لابنه المذكور فتكون الوصية باطلة، ويقسم مع تركة الأب على جميع ورثته، كما في الفتوى رقم: 112025.

وإن كان وهبه إياه ليتملكه في حياته وحازه، ورفع عنه الأب يده فهي هبة ماضية، وعلى هذا الاحتمال الأخير فيكون النصف للابن الموهوب له ويقسم على جميع ورثته كل حسب نصيبه المقدر له شرعاً إن كان قد مات.. لكن ننبه إلى أن افتراض كون ما حصل من الأب ببيع زوجته جميع الأرض رجوع عن هبته الأرض لأن هو الأقوى والأظهر هنا، وللأب ذلك، ويمضي بيعه وتملك الزوجة جميع القطعة وهي تحت يدها، فعلى من يدعي غير ذلك أن يأتي ببينة صحة دعواه، وإلا فالأرض أرض الزوجة (جدة أبيك).

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني