الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحوال جواز اليمين الكاذبة

السؤال

توفي رجل وكان عليه دين لي، وحضر إلي أحد أقاربه بعد وفاته لسداد الدين، ولكني سامحته في الدين منذ أن علمت بوفاته، وعند حضور إخوته إلي لسداد دينه حلفت لهم أنه قام بسداده. فما حكم الحلف الذي قمت به هل يكون ذنبا علي؟ أرجو الرد بسرعة للإفادة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فشكر الله لك ما فعلته من إسقاط الدين عن ذلك الميت فهذا من مكارم الأخلاق.

أما بالنسبة للأيمان الكاذبة فالأصل فيها المنع إلا إذا كانت لدفع مضرة معتبرة ولم يمكن الدفع بغير ذلك. قال الدردير في أقرب المسالك وشرحه: وندب الحلف بالطلاق أو غيره ليسلم الغير من القتل بحلفه، وإن حنث هو وذلك فيما إذا قال ظالم: إن لم تطلق زوجتك، أو إن لم تحلف بالطلاق قتلت فلاناً، قال ابن رشد: إن لم يحلف لم يكن عليه حرج. أي لا إثم عليه ولا ضمان.

وقال النووي في كتاب الأذكار نقلاً عن أبي حامد الغزالي: لو كان عنده أو عند غيره وديعة وسأل عنها ظالم يريد أخذها وجب عليه الكذب بإخفائها، حتى لو أخبره بوديعة عنده فأخذها الظالم قهراً وجب ضمانها على المودع المخبر، ولو استحلفه عليها لزمه أن يحلف ويوري في يمينه، فإن حلف ولم يور حنث على الأصح، وقيل: لا يحنث.

وقال ابن قدامة في المغني عند كلامه على اليمين الواجبة: وهي التي ينجي بها إنساناً معصوماً من هلكة، كما روي عن سويد بن حنظلة قال: خرجنا نريد النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر، فأخذه عدو له، فتحرج القوم أن يحلفوا، فحلفت أنا: أنه أخي، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدقت. المسلم أخو المسلم. فهذا ومثله واجب، لأن إنجاء المعصوم واجب، وقد تعين في اليمين فيجب، وكذلك إنجاء نفسه، مثل: أن تتوجه عليه أيمان القسامة في دعوى القتل عليه وهو بريء.

أما بالنسبة لسؤالك فلا يظهر لنا وجه لجوئك إلى ما فعلت، حيث إنه لا ضرر عليك ولا على غيرك في أخذ دينك، وقد كان يمكنك أن تستعمل المعاريض والتورية بدلاً من الحلف كاذباً، قال عمر بن الخطاب: أما في المعاريض ما يكفي الرجل عن الكذب؟ رواه البخاري في الأدب المفرد، والبيهقي في شعب الإيمان.

فعليك التوبة والاستغفار من ذلك، وهذه اليمين لا كفارة فيها عند جمهور العلماء لأنها يمين غموس تعلقت بالماضي، وقال الشافعي: إن يمين الغموس تلزم فيها الكفارة، وهذا القول أحوط.

وراجع للمزيد في ذلك الفتويين رقم: 1126، 7228.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني