الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يجب عليك نكاح أخرى في قول عامة الفقهاء

السؤال

أنا عربي مسلم أقيم في أمريكا للظروف الخاصة جدا بي، ولا أستطيع السفر حاليا لمدة سنوات، متزوج ولي ثلاثة أولاد والحمد لله، وأريد الزواج من الثانية لحفظ نفسي من الفتنة التي لا أكاد أصبر عليها-كالقابض على الجمر- لكن هناك مشكلتان كبيرتان: الأولى: القانون لا يسمح بالتعدد مطلقا بل يحاكم ويعاقب على ذلك. والثانية: زوجتي التي ترفض بشدة كبيرة جدا ولا بأي شكل، مع أنني أخبرتها بما أراه وأتعرض له من الإغراء الشديد والمناظر، والتي لا أكاد أصبر عليها، بل هددت بالذهاب فورا إلى أهلها، مع العلم أن أباها توفي قبل شهور وحالتهم المادية والمعنوية صعبة، ولا تستطيع السفر خالية لعدة سنوات، فهل لي الزواج سرا من كتابية لأعصم نفسي من الفتنة التي أكاد أقع فيها-لا قدر الله-فأتزوجها سرا لفترة غير محددة، مع المهر، لكن بدون شهود مسلمين حتى لا تدري زوجتي فتذهب إلى أهلها، وتطلب الطلاق وأضيع أنا وأولادي-لا قدر الله-وحتى لا يدري أحد فينكشف أمري فورا عند الدولة وهو ممنوع مطلقا، ويعاقب على ذلك، ويحاكم. فما هي ألفاظ العقد والتفاصيل في ذلك وجزاكم الله كل خير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنا نوصيك في بداية الأمر أن تبذل ما استطعت من جهد لترك هذه البلاد التي تخشى على نفسك الوقوع في الفتنة بسبب الإقامة فيها، فإن الأصل أنه لا تجوز الإقامة في بلاد الكفار، فإذا غلب على ظن الإنسان وقوعه في الفتنة بسبب ذلك فهنا لا يختلف في حرمة هذه الإقامة، وراجع حكم الإقامة في بلاد الكفر في الفتاوى الآتية أرقامها: 7930، 2007، 114297.

وإن كنت لا تستطيع الرجوع إلى بلدك لظروف قهرية فيمكنك أن تختار بعض البلاد الإسلامية الأخرى للإقامة فيها، وإن كنت لا تستطيع مغادرة هذه البلاد أصلا فهنا يجب عليك أن تجاهد نفسك وأن تأخذ بأسباب السلامة من الفتن، فإذا كان الزواج من ثانية سيدفع عنك غائلة هذه الشهوات فإنه يصير واجبا عليك.

قال ابن قدامة: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب ؛ منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء ؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح. انتهى.

ولا فرق في هذا بين الزواج الأول أو الثاني، بل قد استحب بعض العلماء نكاح اثنتين ولو حصل الإعفاف بواحدة.

جاء في كتاب الإنصاف للمرداوي: ويستحب أيضا أن لا يزيد على واحدة إن حصل بها الإعفاف على الصحيح من المذهب، وقال بن الجوزي: إلا أن لا تعفه واحدة. انتهى.

وقيل: المستحب اثنان كما لو لم تعفه وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله فإنه قال يقترض ويتزوج. ليته إذا تزوج اثنتين يفلت. انتهى.

أما بخصوص الزواج من كتابية فإن الأصل فيه الجواز، ولكن بشروط سبق بيانها بالتفصيل في الفتاوى ذوات الأرقام الآتية: 323، 25840، 5315.

فإن تحققت هذه الشروط – وهذا مستبعد جدا في الواقع - فيجوز لك الزواج منها زواجا شرعيا بولي، ومهر، وشهود، ويشترط كون الشهود مسلمين، فلا تجوز شهادة غير المسلمين على زواجك هذا.

وراجع في ذلك الفتوى رقم: 107693. ولا يغير من هذا جميع ما ذكرته لأن الشهود ركن من أركان النكاح ولا يصح دون وجودهم.

وأما ألفاظ العقد فراجعها في الفتاوى: 116994، 95138، 80491.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني