الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسألة في الطلاق المعلق والحلف به

السؤال

يسرني مرة أخرى أن أكاتبكم راجيا منكم توضيحا وجوابا عن السؤال التالي: رجل لم يكن في خصام مع زوجته فكان ذلك مع والديه حيث لازال يسكن معهما، فخرج من منزل والديه وذهب عند منزل والدي زوجته لكي يجد حلا، و يكتري سكنا له يجمعه وأ بناءه الأربعة، فتدخل والد الزوج ليصلح الأمر فدهب الابن إلى منزلهم وبقيت زوجته في دارهم، لكن رجع الزوج إلى زوجته و خاطبها قائلا و بدون مبرر: إن لم ترجعي معي فعليه بالحرام حتى تكوني مطلقة وتأتيك ورقة طلاقك. وربما زاد وقال عليه بطلاق الثلاث. لكن بعد مرور أسبوع تقريبا تدخل أخوه الأصغر منه و بعض الأقارب، وكنت حاضرا معهم وندم على ما قال، وطلبنا من الزوجة الرجوع معه إلى منزلهم بعدما كانت تريد الفراق وتسكن و حدها؛ لأنه حسب قوله الأخير لا يريد فراق والديه. فما حكم الشريعة هنا وعليه فعله والقيام به.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه الألفاظ الورادة في السؤال ليست متساوية في الحكم في الحرام والطلاق، (وتكوني مطلقة وتأتيك ورقة بالطلاق والطلاق الثلاث) هي ألفاظ منها ما يرجع فيه إلى نية الزوج، ومنها ما هو وعد بالطلاق، ومنها ما هو طلاق معلق.

وعلى العموم فإن الزوج إذا علق طلاق زوجته على أمر معين فالطلاق المعلق حكمه عند الجمهور أنه يقع به الطلاق إذا وقع ما علّق عليه، ولو كان على سبيل التهديد، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمّية إلى عدم وقوع الطلاق المعلّق الذي قصد به التهديد ، وأنّه يمكن حلّه بكفارة يمين ، والراجح عندنا هو قول الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 1956.

فإذا كان هذا الزوج قد قصد برجوعها معه الرجوع فوراً، أو خلال مدة أقل من أسبوع ، فقد وقع الطلاق بعدم رجوعها، وإذا كان قد تلفظ بالطلاق بلفظ الثلاث فالراجح عندنا أنّها قد حرمت عليه، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، وانظر الفتوى رقم: 5584.

وأمّا إذا كان قصد بيمينه رجوعها في أي وقت أو لم يكن له قصد ، فبرجوعها إلى بيته لم يقع الطلاق ، وعلى كل حال ينبغي الرجوع إلى المحكمة الشرعية للفصل في هذا الأمر، وننبّه إلى أنّ من حقّ الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكناً مستقلاً ، إلا أن ترضى بالسكن مع أهله باختيارها.

قال عليش في شرح مختصر خليل (مالكي): ولها أي الزوجة الامتناع من أن تسكن مع أقاربه أي الزوج لتضررها باطلاعهم على أحوالها وما تريد ستره عنهم ، وإن لم يثبت إضرارهم بها.

ونوصي هذا الزوج بعدم التسرّع في ألفاظ الطلاق، وعدم استعماله في الحلف فإنه من أيمان الفساق، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. رواه البخاري في صحيحه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني