الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتبت أمها بيتها باسمها فلما ماتت نازعها إخوتها

السؤال

والدتى كانت ترعى أمها لفترة تزيد عن 15 عاما، وكانت مريضة، فكتبت منزلها لأمى كتعويض لها، وكانت أمى قبل زواجها تخدم إخوتها كلهم حتى بعد زواجهم البنين والبنات، وتركت التعليم من أجل خدمتهم ولم يساعدها أحد فى زواجها إلا أخ واحد منهم، ونتيجة لذلك قام أحدهم بسب أمه وإهانتها، وقام بمقاضاتها قضائيا ولكن لصحة العقود بالملكية والبيع سقطت القضية، وبعد وفاة جدتي حاولوا أخذ المنزل من أمي بالقوة ووصلت القضية إلى المحاكم بادعاء أن المنزل ملك والدهم وليس والدتهم، والشهود كلهم شهدوا أن المنزل لوالدتهم، وكل طرف متمسك برأيه، وإخوتها يعتدون عليها بالسب والإهانات إلا أخ واحد يساعدها ويحاول التصدى لهم ولذلك يسبونه أيضا، وهي متمسكة بحقها، مع العلم أنها حاولت أن ترضيهم وديا أكثر من مرة حتى قبل وفاة أمها ولكنهم رفضوا، والآن بعد ارتفاع الأسعار لا تستطيع حتى مراضاتهم ،مع العلم أنهم ليسوا فى احتياج مادى فأمورهم ميسرة عكس أحوال أمي. فالسؤال: من منهم على حق ؟ وهل أمي عليها ذنب أو على جدتي ذنب ؟ وكيف يتم حل الموضوع وفقكم الله ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أخي السائل أولا أننا لسنا في مقام القضاء حتى نبين لك من المحق ومن المبطل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عليا أن يقضي بين اثنين حتى يسمع من كليهما، والذي يمكننا قوله هو أن كتابة جدتك البيت باسم أمك يختلف حكمها باختلاف الحال، فإن كانت أمك استملت البيت في حياة أمها، وفي حال صحتها لا في حال مرض موتها، فهذه هبة، ومن المعلوم أنه يجب على الوالدة أن تعدل في عطيتها لأولادها الذكور والإناث، فإن لم تعدل فالهبة باطلة في المفتى به عندنا إلا إذا وجد مسوغ شرعي للتفضيل، وما ذكرته من أن أمك تركت التعليم لأجل خدمتهم..الخ، لانرى أن مجرد هذا يعد مسوغا للتفضيل، وقد ينازع الخصم في ذلك فيقول لم تترك التعليم لأجلنا وإنما لم تتح لها الفرصة، أو لم تكن ترغب في التعليم وبقيت تخدم أمها لكونها تعيش معها.

وأما إذا كانت أمك استلمت البيت في مرض أمها المخوف، أو استلمته بعد وفاتها، فإن تلك الكتابة تعتبر مجرد وصية، وهي وصية لوارث ولا تصح إلا إذا رضي الورثة بإمضائها، وكانوا بالغين رشداء، حتى لو كان البيت في الحقيقة لجدتك وليس لجدك فإن لورثتها الحق في المطالبة بنصيبهم من البيت إذا لم يرضوا بإمضاءها الوصية. وكون أمك كانت تقوم بخدمة أمها وإخوتها وأخواتها كل هذا لا يبرر إمضاء الوصية بدون إذن الورثة.

أما عن قولك إن الجدة كتبت البيت باسم أمك كتعويض عن الخدمة، فاعلم أنه لا يجوز أخذ الأجرة على خدمة الوالدين كما بيناه في الفتوى رقم: 74929.

ولا شك أن ما ذكرته عن أحد أخوالك أنه قام بسب أمه وإهانتها، لا شك أن هذا من أشد العقوق وأكبر الكبائر، فالواجب عليه أن يتوب الله إلى الله تعالى، وأما مقاضاة أمه، فإن مجرد مقاضاة الوالدين لا تعتبر عقوقا إذا لم يكن الابن ظالما كما بيناه في الفتوى رقم: 75076.

وإننا ننصحكم برفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لتنظر في القضية من جميع جوانبها، وانظر الفتوى رقم: 114557. عن الوصية للوراث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني