الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من حق الأبناء منع أبيهم من تزويج أختهم

السؤال

بعد مشاكل كثيرة تعرضت لها في حياتي في مصر، استقرت حياتي في إحدى الدول، نويت الزواج من هذه الدولة ليكون لي فيها أهل، عرضت الموضوع على زوجتي بتدرج فوافقت، واختارت هي الفتاة التي أرغب فيها، وهي صديقة حميمة لها، تقدمت لأهلها وافق أبوها ورحب، رفض إخوانها بشدة لأنني مصري، ولم ينظروا للمكانة العلمية ولا الاجتماعية ولا الأخلاق ولا غيره فقط لأني مصري.
دخلت البنت في مضايقات شديدة، حاول إخوانها تزويجها لرجل مسن متزوج للخلاص منها رفضت بشدة، تقدم لها شاب معروف بنهمه على الخمر وافقوا، رفضت بشدة، هددوا أنهم سيكتبون عليها دون علمها وكانوا بالفعل يرتبون لذلك لكنها كلمتهم بشدة لو فعلوا ستقاضيهم .استقر الوضع هكذا مدة من الزمن.
في هذا الضغط والمعاناة اقترحت زوجتي أن تذهب البنت لمصر وأتزوجها هناك على شرع الله تخليصاً لها من هذا الجحيم، استفتينا بجواز ذلك فأفتينا من خلال إحدى المؤسسات الموثوق بها بجواز ذلك في حالتنا هذه، لكنني ما قبلت وهي ما قبلت حتى لا نضر بأبيها والرجل مغلوب على أمره، وهي لم تفضل ذلك لأنها تحب رعاية أبويها المسنين فلا يرعاهما غيرها حتى لو دخلا مستشفى لا يسأل عنهما أحد، وهي دائماً تقول هم يعملون مع أبيهم هكذا، فكيف سيتعاملون معي!
مضت سبع سنوات منذ بداية هذه الحكاية ونحن ننتظر أن تتيسر الأمور، حاولت أن أبتعد عنها مرات كثيرة ؛ عسى أن يتقدم لها أحد وترضي به لكن لم يحدث ودائماً ترفض من يتقدم، بعدت فترة مرضت مرضاً نفسياً أصابها بتعب في أذنها، عاودت الاتصال بها فخفف ذلك عنها وبرئت من تعبها النفسي أما أذنها فكما هي.
انتقلت من هذه الدولة وفتحت شركة في دولة أخرى، لكنني ما تركت زيارتها والاطمئنان عليها ، رغم أنني أعز أباها وأمها إلا أنني أنتظر وقت عدم وجودهما لأتزوجها، رغم عدم تمني موتهما والله لأنني أعزهما لكنها مشاعر متناقضة متداخلة وهي كذلك.
لقاءاتنا لا تخلو من حرام، فمجرد اللقاء أعرف أنه حرام، وكلام الحب معها أعرف أنه حرام، حتى سلامي عليها ووضع يدها في يدي أعرف أنه حرام. قاومت ذلك مرات ومرات لكن دون جدوى، صراع نفسي بين الالتزام وبين الإحساس الرهيب بظلمي لها ورغبتي الشديدة أن تعيش مثل بنات الدنيا، صراعات كثيراً ما تورث القلق والتعب النفسي بداخلي.
والسؤال الآن: زواجي بها بالطريق العادي ممنوع منعاً باتا من قبل إخوانها، بعد سبع سنوات انتظار وقد جاوزت هي الثلاثين من عمرها. هل يجوز أن تكون هي ولية نفسها أو أن تولي غيرها- من غير أهلها- إتمام عقد الزواج بيننا على أنها ستكون في بيت أهلها ترعي والديها المسنين إلى أن يأذن الله بجمعنا بمصر؟ على أنني أنوي ألا أدخل بها- الجماع- إلا في بيتنا، لاعتبار عدم علم أهلها ورفع حرج الحمل وغيره عنها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب عليك أولا هو أن تتوب إلى الله جل وعلا مما يكون منك من ممارسات محرمة مع هذه الفتاة، سواء باللقاء، أو المصافحة، أو الكلام وغير ذلك مما تعترف أنت بحرمته، وهذا مما يزيد الإثم ويعظم الذنب، فإن إثم العالم ليس كإثم الجاهل .

ولا تتحقق توبتك إلا بقطع كل علاقة لك بهذه الفتاة، واحذر أن يستدرجك الشيطان ويستزلك إلى الإثم بحجة أنك ظلمتها فهذا كلام خاطىء، لأنه لم يكن منك ظلم لها، بل إخوتها هم من ظلمها حين حالوا بينها وبين ما أحل الله لها، فهؤلاء هم الظلمة على الحقيقة، ظلموا أنفسهم بارتكاب ما حرم الله، وظلموا أختهم بمنعها من حقها الشرعي في الزواج بمن تريد، وظلموا أباهم حين حجروا عليه ومنعوه حقه في تزويج ابنته فحسبهم الله.

ولكن مع كل هذا، فلا يجوز لهذه الفتاة أن تزوج نفسها بدون أبيها لأن الزواج حينئذ يقع باطلا على الراجح من أقوال أهل العلم. وقد بينا ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 66004، 111441، 4832.

فإن لم يقدر أبوها على مباشرة عقد الزواج نظرا لتعنت أولاده فهنا يجوز له أن يوكل غيره ممن يقدر على القيام بهذا، فإن لم يمكنه هذا فحينئذ يجوز لهذه الفتاة أن ترفع أمرها إلى القضاء ليدفع عنها ظلم إخوتها، ويمكّن أباها من تزويجها رغما عنهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني