الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هيجه على يمين الطلاق الخصام والمغاضبة

السؤال

لقد حدث شجار بيني وبين زوجي، وأردت أن آخذ أغراضي مع طفلتي والذهاب إلى بيت أهلي، وعندها قال لي: إذا بتطلعي من باب الدار بتوصلك ورقتك، وأنا لم أخرج إطلاقا في ذلك اليوم.
1- هل أكون بريت يمينه؟
2-هل أنا قد تطلقت؟
3- إذا أردت الخروج بعد يوم أو اثنين أو أي يوم آخر فهل تلاحقني تلك الكلمة وبالتالي أبقى في البيت لا أخرج منه مطلقا؟
خاصة وأني لم أسمع كلمة اليوم في تهديده بحيث إنه هددني وعلق الأمر على خروجي من باب البيت.
4- كيف أستطيع التخلص من تهديده والخروج من البيت؟
هل أغير باب البيت؟ هل أنزل من شباك الطابق الثالث إذا أردت الخروج حتى لا يقع ما قد هددني به؟
أريد أن تساعدني بإيجاد حل ؟ وتفكر معي حتى لا أطلق وأستطيع الخروج من بيتي. للعلم في اليوم التالي كان عندي موعد مع الطبيب وهو من أتى ليأخذني عنده وأنا لم أقبل لأني خفت أن يقع ما قد هددني به سابقا ؟ أرجوك فكر معي وساعدني للتخلص من هذا التهديد بطريقة ذكية وقانونية سليمة؟ وشكرا جزيلا لسعة صدرك وجزاك الله خيرا، وأرجو منك أن تمعن النظر في الأمر لتجد لي حلا يضمن بقائي زوجة ولا ينفذ حكم الطلاق حتى وإن خرجت من منزلي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا القول الصادر من زوجك تعليق لكناية الطلاق على خروجك من باب البيت لأن قوله: بتوصلك ورقتك. من كنايات الطلاق وليس من صريحه، والكناية يرجع فيها لنية صاحبها، فإن لم يقصد بهذه الكلمة الطلاق فلا يقع الطلاق حينئذ بحال، سواء خرجت في نفس اليوم أو خرجت بعده, خرجت من الباب أو من غيره.

أما إن كان يقصد بهذا تعليق الطلاق على خروجك من باب البيت، فإن الطلاق يقع عليك بذلك على الراجح من كلام أهل العلم، وخالف بعضهم فذهب إلى التفريق بين التعليق الذي يقصد به صاحبه مجرد الحث أو التهديد أو الزجر وبين ما يقصد به حقيقة إيقاع الطلاق عند حصول المعلق عليه، فلا يقع في الحالة الأولى ويقع في الثانية عند حصول ما علق عليه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 5684. والراجح هو مذهب الجمهور.

أما سؤالك عن مدى ملاحقة هذه الكلمة لك، وهل تختص بذلك اليوم أم تعم جميع الأيام؟ فهذا يرجع فيه أيضا لنية زوجك في أمد التعليق، وهل هو خاص بذلك اليوم أو بغيره فيعمل في ذلك كله بنيته، فإن كان قد قصد خصوص ذلك اليوم فلا يقع الطلاق بخروجك بعده، أما إن كان قصد الخروج مطلقا فهنا يقع الطلاق بخروجك في أي وقت على الراجح من كلام أهل العلم، ولا ينفعك في ذلك تغيير باب البيت ولا الخروج من النافذة، لأن الظاهر من كلامه أنه علق الطلاق على مغادرتك البيت لا على خصوص الخروج من الباب، وذكره للباب هنا جرى مجرى الغالب، فإن غالب الخروج إنما يكون من الباب، ومعلوم أن النية تعمم اليمين وإن كان اللفظ خاصا.

قال ابن قدامة في المغني: ويرجع في الأيمان إلى النية.. ومنها أن يريد بالخاص العام مثل أن يحلف لا شربت لفلان الماء من العطش ينوي قطع كل ما له فيه منة، أو لا يأوي مع امرأته في دار يريد جفاءها بترك اجتماعها معه في جميع الدور، أو حلف لا يلبس ثوبا من غزلها يريد قطع منتها به، فيتعلق يمينه بالانتفاع به أو بثمنه مما لها فيه منة عليه. انتهى.

فإن لم تكن له نية في ذلك فيرجع حينئذ لما حمله على الحلف وهيجه عليه.

جاء في المغني لابن قدامة: قال: فإن لم ينو شيئا، رجع إلى سبب اليمين وما هيجها. وجملته أنه إذا عدمت النية، نظرنا في سبب اليمين، وما أثارها ؛ لدلالته على النية، فإذا حلف لا يأوي مع امرأته في هذه الدار، نظرنا فإن كان سبب يمينه غيظا من جهة الدار، لضرر لحقه منها، أو منة عليه بها، اختصت بيمينه بها، وإن كان لغيظ لحقه من المرأة يقتضي جفاءها، ولا أثر للدار فيه، تعلق ذلك بإيوائه معها في كل دار. انتهى.

والظاهر هنا أن ما هيجه على اليمين هو هذا الشجار وحالة الخصام والمغاضبة، فعلى ذلك إن خرجت في وقت الرضا والمسامحة فلا يقع الطلاق.

واحذري من الاسترسال في الوساوس، ففي ثنايا عرضك للموضوع ما يدل على أن عندك قابلية للوسوسة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني