الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يشترط لصحة الهبة رضا الواهب

السؤال

أب اشترى لابنه المتوسط قطعة أرض وبدأ الأب في البناء بمساعدة ابنه المتوسط والعاق له، وبعد مدة حدثت مشاكل في الأسرة فأمر الأب ابنه المتوسط العاق أن يتنازل عن نصف المنزل للابن الأصغر رغما عنه وبالإكراه، وبعد إتمام التنازل قال الابن لأخيه الأكبر لا تفكر في الموضوع سوف أرجعه لك ليطمئنه،و المنزل يتكون من شقة وصالة، وبعد مدة أكمل بناء الصالة الابن الأصغر بناء على التنازل من أخيه عن نصف المنزل قال له الابن المتوسط ألم تقل إنك سترجع لي نصف المنزل فقال الابن الأصغرأتريدني أن أضع أسرتي في الشارع ،علم الوالد بالقصة فقال لابنه الأصغر لا تتنازل له وإن تنازلت لن أسامحك حيا أوميتا،وبعد وفاة الوالد رحمه الله قال الابن الأصغر للابن المتوسط ما رأيك أن نشتري أنا وأنت منزل الأسرة القديم من الورثة مقابل أن أترك لك المنزل الجديد، مع العلم أن المنزل الجديد قدر بثمن وقدره: 380 ألف دينار، والمنزل الجديداشتريناه ب190 ألف دينار وتم البيع والتراضي، وبعد مدة تحسن دخل الابن الأصغر ماديا ودون سابق إنذار وفجأة، قال الابن المتوسط للأصغر أعطني ما دفعته معك في شراء المنزل القديم لأنك قلت لي أن أرجع لك نصف المنزل: س1. هل يرجع الابن الأصغر الثمن الذي دفعه معه الابن المتوسط أم لا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اشمتل سؤالك على عدة أمور يترتب حكم بعضها على بعض ونجيبك عليها بالتفصيل التالي:

1- شراء الأب قطعة أرض لابنه المتوسط هو من هبة الوالد لأولاده، والراجح هو وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، ولا يجوز تخصيص أحد الأولاد بالهبة بدون مسوغ شرعي، وإذا كانت الهبة بغير مسوغ شرعي فيجب نقضها في حياة الأب أو بعد موته، وراجع في بيان ذلك فتوانا رقم: 110480، وما أحيل عليه فيها.

2- بدء الأب في البناء بمساعدة ابنه والعاق له... إذا كان الأب يبني المنزل لابنه، فالحكم في ذلك كالحكم في هبة الأب لأحد بنيه على التفصيل السابق، وإذا كان الأب يبني لنفسه المنزل صار المنزل ملكاً له، وينظر فيما دفعه الابن إن لم يكن متبرعاً بذلك فله الحق في المطالبة بما أنفقه في البناء.

3- إجبار الابن على التنازل عن نصف المنزل لأخيه الأصغر... إذا كان المنزل ملكاً للأب فلا حرج في أن يجبر ابنه المتوسط على ذلك، وإن كان المنزل ملكاً للابن فله احتمالان:

أحدهما: أن يكون ذلك تحقيقاً للتسوية بين الأولاد في العطية وهذه التسوية واجبة، وفي هذه الحالة يكون هذا التصرف صحيح شرعاً، ولكن يجب أن ينظر فيما دفعه الابن المتوسط في تكاليف البناء فهذا حقه الخالص وليس للأب أن يأخذ منه إلا ما وهبه إياه لتحقيق التسوية.

الثاني: أن تكون الهبة السابقة صحيحة بأن كان فيها تسوية بين الأولاد أو كان هناك مسوغ شرعي للتخصيص، وفي هذه الحالة فإجبار الابن المتوسط على التنازل عن نصف المنزل لأخيه الأصغر غير جائز شرعاً، لأنه يشترط لصحة الهبة رضا الواهب، جاء في درر الحكام ما حاصله: يلزم رضا الواهب في نفاذ الهبة والهدية والصدقة والإبراء ويكون عدم رضا الواهب بالجبر والإكراه بناء عليه لا تصح الهبة التي وقعت بالجبر والإكراه بدون رضاء. اهـ.

ويجب على الابن الأصغر في هذا الاحتمال أن يرد نصف المنزل لأخيه المتوسط سواء وعده بذلك أم لا.

4- وعد الأخ الأصغر لأخيه بأن يرجع له نصف المنزل.. فإذا كان التنازل باطلاً وجب عليه رد نصف المنزل، وإن كان التنازل صحيحاً فيستحب له أن يفي بوعده، فالوفاء بالوعد مستحب عند جمهور أهل العلم، لكن من وعد آخر فدخل الموعود بسبب الوعد في ورطة أو عمل ونحو ذلك فهو ملزم بالوفاء بالوعد إلا من عذر، وهذا القول هو المشهور عند المالكية ورجحه كثير من الباحثين المعاصرين، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 117916.

5- وصية الأب الابن الأصغر بعدم رد نصف المنزل لأخيه المتوسط غير لازمة، ولكن حكم الرد فيه التفصيل السابق.

وننبهك أيها السائل إلى أن مسائل النزاع ينبغي حلها بالصلح والتراضي أو برفعها للمحكمة الشرعية لتفصل فيها، وننصح هذه الأسرة بالحفاظ على صلة الرحم وألا تجعل أمور الدنيا سببا للخصام والنزاع فيما بينها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني