السؤال
هل الشاب الذي يستغل فتاة بريئة جاهلة لعمل علاقة معها، وعندما ملها تركها وذهب إلى غيرها ليخدعها قد ظلمها؟، علما بأن عنده أسلوبا مغريا جداً لجذب الفتاة حتى وإن كانت ملتزمة ـ وصدقني يا شيخ أسلوبه يلين الحجر وهو حجر ـ فكيف لو كانت مراهقة وفي أول مرة تحس أن أحداً يهتم بها، وأنا الآن ندمت ولن أرجع لهذه المعصية أبداً ـ إن شاء الله ـ لكن هل معقول أن شابا يلعب بالبنت ويرجع ويلعب بغيرها وما يحس بشيء؟ وأما البنت فتكويها نار الحسرة والندم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان المقصود بالظلم معناه الشائع الذي هو تضييع حقوق الغير أو سلبها بغير وجه حق، فإن هذا الشاب لم يظلم بهذا المعنى، لأنه لم يكره هذه الفتاة على هذه العلاقات المحرمة ولم يجبرها على ذلك، كل ما هنالك أنه دعاها إلى معصية الله فاستجابت له، ولو أنها اتقت الله سبحانه وخافت مقامه ووقفت عند حدوده لما وجد هذا الأثيم طريقاً إلى إضلالها وغوايتها، فالأولى أن ترجع على نفسها باللوم والذم، كما قال الشاعر:
فنفسك لم ولا تلم المطايا * ومت كمدا فليس لك اعتذار.
ولكن هذا لا ينفي عنه الإثم والخطيئة، لأنه بفعله هذا قد أضل غيره، وكان سبباً في غوايته وبعده عن الصراط المستقيم، ولا شك أن من يضل الناس ويدعوهم إلى سبيل الشيطان والشهوات لفي ضلال كبير، وسيحمل من أوزار من أضلهم ودعاهم إلى معصية الله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً. رواه مسلم وغيره.
جاء في شرح رياض الصالحين لابن عثيمين رحمه الله: ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً أي إذا دعا إلى زور وإلى ما فيه الإثم مثل أن يدعو الناس إلى لهو أو باطل أو غناء أو ربا أو غير ذلك من المحارم، فإن كان إنسان تأثر بدعوته فإنه يكتب له مثل أوزارهم، لأنه دعا إلى الوزر والعياذ بالله. انتهى.
فالواجب عليك أيتها السائلة أن تنشغلي بالتوبة إلى الله جل وعلا، وأن تحذري كيد شياطين الإنس والجن، ثم إن علمت أن هذا الشاب قد قصد بعض الفتيات ليوقعها في المعصية فعليك أن تحذيرها من ذلك، سواء كان تحذيرك لها مباشرة أو عن طريق غيرك، لكن دون أن تتعرضي لما كان بينك وبينه، بل عليك أن تستري نفسك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله.
وهذا كله مع أمن المفاسد، فإن غلب على ظنك أن تحذيرك هذا سيفتح عليك أبواب الفتنة أو ستترتب عليه مفسدة عظيمة فحينئذ اكتفي بالتوبة إلى الله ودعي عنك أمر غيرك.
والله أعلم.