الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم النكاح بهذه الصورة

السؤال

هناك زواج يسمى زواج ـ إمام نكاح ـ عند الأتراك المسلمين يتم عقد الزواج عن طريق إمام جامع في السر بدون حضور ولي ولا إشهار بين الناس ولا أي حقوق مدنية للزوجة، ويمكن للرجل الزواج بأكثر من امرأة، ويمكن أن يتزوج بزواج مدني أمام الناس ويتزوج زواج ـ إمام نكاح ـ بعديد من النساء، فهؤلاء يعتقدون أن هذا الزواج ليس حراما بل هو حلال؟ أرجوكم أعينوني على إقناعهم، فنحن مسلمون والزواج الإسلامي يجب فيه القبول- العقد- الإشهار- المهر- يكتب العقد عن طريق كاتب ويسجل في المحكمة، زواج يضمن حقوق المرأة وكرامتها وهو زواج ألفة ورحمة بين الزوجين للتعاون على إمتحانات الحياة لإرضاء رب العامين ـ وإن شاء الله ـ الفوز بالجنة؟ وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي فهمناه من السؤال أن هذا النكاح الذي ذكرت حالته يتم بدون حضور ولي المرأة مع وجود الشاهدين إلا أنه لا يشهر بين الناس، فإن كان كذلك فهذا النكاح باطل عند جمهورأهل العلم، خلافاً لأبي حنيفة القائل بعدم اشتراط الولي في النكاح، لكن النكاح يمضي إذا حكم بصحته قاض شرعي أو عقده من يقلد أبا حنيفة في عدم اشتراط الولي، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 47816.

وعلى تقدير صحته فإذا اشترط الزوج إسقاط الحقوق الشرعية للزوجة من نفقة وسكنى ونحوها فهذا الشرط باطل والنكاح صحيح، فهذه الحقوق تثبت بمجرد العقد واشتراط إسقاطها لا يسقطها، قال ابن قدامة في المغني: ما يبطل الشرط، ويصح العقد، مثل أن يشترط أن لا مهر لها، أو أن لا ينفق عليها، أو إن أصدقها رجع عليها، أو تشترط عليه أن لا يطأها، أو يعزل عنها، أو يقسم لها أقل من قسم صاحبتها، أو أكثر، أو لا يكون عندها في الجمعة إلا ليلة، أو شرط لها النهار دون الليل، أو شرط على المرأة أن تنفق عليه أو تعطيه شيئاً، فهذه الشروط كلها باطلة في نفسها، لأنها تنافي مقتضى العقد، ولأنها تتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده، فلم يصح كما لو أسقط الشفيع شفعته قبل البيع، فأما العقد في نفسه فصحيح، لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد، لا يشترط ذكره ولا يضر الجهل به فلم يبطله. انتهى.

والمشهور عند المالكية أن النكاح يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده مع إسقاط الشروط، كما تقدم في الفتوى رقم: 36498، وزواج الرجل بأكثر من واحدة إلى أربع جائز مع حصول العدل بين الزوجات إلى آخرالضوابط المتقدمة، في الفتوى رقم: 4955.

وأما الزواج بما زاد على الرابعة فهو باطل باتفاق أهل العلم إلا من لا يعتد بخلافه، وما ذكرته من أمور تجب في النكاح يحتاج إلى تفصيل، فالنكاح لا بد فيه من توفر أركان العقد المتقدمة في الفتوى رقم: 7704، ولا بد فيه من القبول من طرفي العقد وهما الزوج وولي المرأة أو نائبه، وإشهار النكاح مستحب وليس بركن، ولا يشترط توثيقه لدى محكمة، وإن كان الأولى القيام بذلك حفاظاً على حقوق الزوجة، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 27294، ورقم: 80370.

كما أن ذكر المهر ليس بركن في النكاح ولا هو شرط في صحته، وبالتالي فيصح النكاح بدون ذكر المهر عند الجمهور، كما تقدم بيان ذلك في الفتويين رقم: 61455، ورقم: 80278.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني