الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقسم على زوجته أنها إذا خرجت من البيت لن تعود إليه

السؤال

تشاجرت مع زوجتي فقررت الذهاب إلى بيت والدها، ورغم أنني أقسمت لها لو خرجت من البيت لن تعود إليه فإنها صممت وخرجت من البيت، وبعد أسبوع قررت العودة ورجعت إلى البيت، فما حكم هذا القسم؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كنت قد أقسمت على زوجتك أنها إذا خرجت من البيت لن تعود إليه قاصداً بذلك طلاقها أي إيقاع الطلاق وليس وعدها بأنك سوف تطلقها، فإن الطلاق يقع عند الجمهور ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ ووافقهم في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية لوجود نية الطلاق، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 78889، ورقم: 19162.

وإن لم تنو الطلاق فلا يلزمك شيء.. لكن ينظر في قسمك، فإن كنت حلفت باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته أو أنشأت اليمين بقولك: أقسمت بالله تعالى فقد حنثت لرجوع زوجتك ولزمتك كفارة يمين، وإن كنت تلفظت بقولك أقسمت فقط لم ينعقد يمينك عند الجمهور ولا كفارة عليك.

وإليك بيان مذاهب أهل العلم في المسألة، ففي الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الحنفية إلى أن فعل القسم إذا ذكر بصيغة المضارع أو الماضي، كأقسمت أو حلفت، أو حذف وذكر مكانه المصدر نحو: قسما أو حلفا بالله أو لم يذكر نحو: الله أو بالله كان ذلك كله يميناً عند الإطلاق.

وعند المالكية إذا قال: أحلف أو أقسم أو أشهد أو أعزم، وقال بعد كل واحد منها: بالله، فهي يمين.

وقال الشافعية: من قال لغيره: آليت، أو أقسمت، أو أقسم عليك بالله، أو أسألك بالله لتفعلن كذا، أو لا تفعل كذا، أو قال: بالله لتفعلن كذا، أو لا تفعل كذا، فإما أن يريد يمين نفسه أو لا: فإن أراد يمين نفسه فيمين، لصلاحية اللفظ لها مع اشتهاره على ألسنة حملة الشرع، وإن لم يرد يمين نفسه، بل أراد الشفاعة أو يمين المخاطب، أو أطلق لم تكن يميناً، فإن قال: والله، أو حلفت عليك بالله كان يميناً عند الإطلاق، لعدم اشتهاره في الشفاعة أو يمين المخاطب، وإن قال: آليت، أو أقسمت، أو أقسم بالله، ولم يقل: عليك كان يميناً عند الإطلاق أيضاًَ.

وقال الحنابلة: إذا قال أقسمت، أو أقسم، أو شهدت، أو أشهد، أو حلفت، أو أحلف، أو عزمت، أو أعزم، أو آليت، أو أولي، أو قسماً، أو حلفاً، أو ألية، أو شهادة، أو يميناً، أو عزيمة، وأتبع كلا من هذه الألفاظ بقوله ـ بالله ـ مثلاً كانت يميناً، سواء أنوى بها إنشاء اليمين أم أطلق، فإن نوى بالفعل الماضي إخباراًعن يمين مضت، أو بالمضارع وعداً بيمين مستقبلة، أو نوى بقوله: عزمت وأعزم وعزيمة: قصدت أو أقصد أو قصداً، لم يكن يميناً يقبل منه ذلك. انتهى.

وكفارة اليمين لها أنواع سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 107238، وتجدر الإشارة إلى أن الطلاق والحنث في اليمين بالله لا يجتمعان عليك، لأنك إذا كنت قاصداً بعدم عودها إلى البيت الطلاق فإنها بعودها قد حصل طلاقها، وبالتالي لا تكون حانثاً في اليمين، وإن كنت قاصداً حقيقة الرجوع إلى البيت أو ليس لك قصد فإنك تكون حانثاً في اليمين بالله ولكن الزوجة لا تكون مطلقة، وفي حال وقوع الطلاق فلك مراجعة زوجتك قبل تمام عدتها إذا كانت هذه الطلقة أولى أو ثانية، وما تحصل به الرجعة قد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 30719، وعدتها تنتهي بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق أو مضي ثلاثة أشهر أو وضع حملها إن كانت حاملاً، فإن انقضت عدتها فلا بد من تجديد عقد النكاح بأركانه، وإذا كانت هذه طلقة ثالثة فقد حرمت عليك ولا تحل حتى تنكح زوجاً غيرك نكاحاً صحيحاً نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني