الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الائتمام بمن لا يأتي بالوضوء المجزئ

السؤال

فإن الإمام الذي يصلي بنا لا يحسن الوضوء أقصد أنه لا يأتي بالفرائض على أكمل وجه، فعلى سبيل المثال عندما يمسح رأسه فإنه لا يأتي بالمسح إلى نهاية منابت الشعر في مؤخرة الرأس، ونفس الأمر ينطبق على غسل اليدين إلى المرفقين فإنه لا يغسل بطن المرفق. وعليه هل أستطيع أن أصلي وراء هذا الإمام وأنا أعلم أنه لا يحسن الوضوء أم إن عدم جواز الصلاة وراءه تتعلق فقط بمشاهدته مباشرة كل مرة وهو يتوضأ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من لم يأتِ بالوضوء المجزئ فإن صلاته باطلة، وانظر الفتوى رقم: 58925. وكذا لا تصح صلاة من يأتم به عالمًا بحاله، أما من لم يكن عالمًا بحاله أو علم بعد انتهاء الصلاة فإن صلاته صحيحة على الراجح من أقوال العلماء، وانظر الفتوى رقم: 27368. وإذا لم تتيقن أن هذا الإمام لم يستوف غسل ما يجب غسله من أعضاء الوضوء فإن لك أن تصلي خلفه، أما إن تيقنت بمخالفته فيحرم اقتداؤك به، وكذلك إذا كان التقصير شأنه في عامة وضوئه.

ولا شك أن المرفق ظاهره وباطنه مما يجب غسله في الوضوء، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ.

ومن الفوائد التي استخرجها الشيخ ابن سعدي رحمه لهذه الآية في تفسيره، قال: الثامن: الأمر بغسل اليدين، وأن حَدَّهما إلى المرفقين و"إلى" كما قال جمهور المفسرين بمعنى "مع" كقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ. ولأن الواجب لا يتم إلا بغسل جميع المرفق. اهـ.

وقد اختلف العلماء في القدر الواجب المجزئ في مسح الرأس على أقوال، ومنها الاكتفاء بمسح بعض الرأس، ولو شعرة من محيط الرأس، وهو قول من تبرأ الذمة بتقليدهم كالشافعي رحمه الله ومن وافقه ولا شك أن مسح الرأس كله أحوط، وانظر الفتوى رقم: 50469. هذا، ويجب أن ينصح هذا الإمام وترشده إلى وجوب استيعاب المرفقين بالغسل ظاهرًا وباطنًا، وليكن نُصحك له بأدب وإشفاق وبعيدًا عن الناس ليقع من ذلك الإمام الموقع المرجو.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني