الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف بالطلاق على أمر ما دون أن يتبينه

السؤال

أنا عقدت مؤخراً ولم أدخل، وفى جلسة مع صديقي ولم يكن معنا أحد أثناء الحديث قلت له علي الطلاق هي جيدة على موضوع النقاش فى حين أني لم أر هذا الشيء، وكانت نيتي الحلف فقط ولم أكن أقصد الطلاق لأني لم أتذكر أني متزوج، وبعد الكلام تذكرت أني قلت هذه الكلمة وأنا متزوج فاستغفرت الله، علما بأني لم أتعود على هذا الحلف. فأفيدوني أفادكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كنت قد عقدت على زوجتك عقداً شرعياً ولو من غير دخول فإنها تصير زوجة لك، وبالتالي يلحقها الطلاق. وإذا كنت كاذباً في الحلف بالطلاق على جودة الشيء المذكور فالطلاق نافذ عند الجمهور ولو لم تنوه، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية لا يلزمك طلاق ولتكثر من الاستغفار والتوبة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 71165.

وإن حلفت معتمداً على يقين - ومن باب أولى ظن أو شك- فتبين خلاف ما حلفت عليه وقع الطلاق عند المالكية ففي المدونة للإمام مالك: فمن حلف بطلاق أو عتاق أو مشي أو غير ذلك من الأيمان سوى اليمين بالله وذلك يقينه ثم استيقن أنه على غير ما حلف فإنه حانث عند مالك ولا ينفعه. انتهى.

كما تحنث عند الحنابلة إذا تخلف ظنك أيضاً.

قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: الصحيح من المذهب أنه إذا حلف يظن صدق نفسه فبان خلافه يحنث في طلاق وعتق ولا يحنث في غيرهما. انتهى.. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 44388

ولا تحنث عند الشافعية إذا حلفت على غالب ظنك فتبين خلافه، وتحنث إذا قصدت الجودة في حقيقة الأمر فتبين خلافها، ففي فتاوى الرملي الشافعي: (سئل) عمن حلف بالطلاق على غلبة ظنه على جنس شيء أو قدره أو نوعه أو صفته أو فعل نفسه أو غيره نفياً أو إثباتاً، ثم تبين خلافه هل يقع عليه الطلاق أو لا؟ وإذا قلتم بعدم الوقوع فما الفرق بينه وبين من خاطب زوجته بطلاق ظاناً أنها أجنبية؟ (فأجاب): بأنه لا يقع على الحالف الطلاق المذكور، والفرق بينها وبين مسألة خطاب الزوجة أنه في مسألتنا استند في حلفه على غلبة ظنه بخلاف تلك فإنه أوقع الطلاق فيها في محله، وظنه غير الواقع لا يدفعه. أما إذا قصد في مسألتنا ما في نفس الأمر فإنه يحنث. انتهى.

وإن تعذرت معرفة جودة ذلك الشيء لتلفه مثلاً فلا يلزمك شيء لأن الحنث مشكوك فيه والأصل بقاء العصمة فلا تنقطع إلا بيقين ويشهد لهذا ما ذكره ابن قدامة في المغني: إذا رأى رجلان طائراً فحلف بالطلاق أنه غراب وحلف الآخر بالطلاق إنه حمام فطار ولم يعلما حاله لم يحكم بحنث واحد منهما لأن يقين النكاح ثبت ووقوع الطلاق مشكوك فيه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني