الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجزئ الإطعام عن قضاء صوم رمضان لمن قدر على الصوم

السؤال

سؤالي هو كالآتي: كنت فيما مضى مقيما في بلاد أجنبية لغرض الدراسة، ووقع لي اختلاط كثير في أوقات الصيام والإفطار حتى أنني شككت في صحة الصوم؛ لأن الظروف التي كنت فيها لا تمهد لي صيام رمضان، فكان من جراء شكي أن أفطرت في بعض الأيام الأواخر من رمضان، ومنذ أن رجعت من بلاد الغربة إلى يومنا هذا وأنا مطالب بالتكفير عن تلكم الأيام التي خلت. وأنا الآن أنوي تسديد دفوعات مالية إلى أصحاب الحاجات والخصاصة من الفقراء والمساكين وخاصة منهم الأيتام، ففي بلدنا هنا مركز تحت إشراف الدولة يرعى الأيتام وأنوي لتسديد الكفارة هناك إعلام صاحب المركز الذي يشرف عليه بأن أسلمه مجموع المبالغ المالية حتى يصرفها لصالح الأيتام والأرامل هناك. فهل يكون فعلي هذا جائزا شرعا؟ وهل أكون قد دفعت كفارة هذه الأيام التي خلت من رمضان مع العلم أنني لا أحصي عدد الأيام التي خلت من شهر رمضان الذي قضيته وأنا في بلاد الغرب، فقدرت أنني سأكفر عن جميع أيام رمضان التي خلت وذلك تفاديا لأي نقص قد يطرأ في الكفارة على الأيام التي تعمدت فيها الإفطار بسبب الشك؟ وسؤالي هذا حول ما أقدمت عليه من توكيل صاحب المركز لتسديد الأموال لفائدة الأيتام هناك. خاصة إن كان صاحب هذا المركز ليست له أمانة أو صدق في الحديث إلا أنني دفعت له ما يسدد حاجات الأيتام. فهل يجوز هذا الفعل أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنقول ابتداء لم يتبين لنا المقصود من قول السائل: وقع لي اختلاط في أوقات الصيام والإفطار. فإن كان يعني أنه كان يختلط بغير المسلمين وتقع منه ذنوب جعلته يشك في صحة صيامه، فاعلم أن هذا الأمر ليس عذراً في انتهاك حرمة الشهر بتعمد الإفطار، والصائم إذا وقع في ذنوب فصومه صحيح وينقص أجر صيامه، وقد لا يكون له من الأجر إلا سقوط الطلب عنه، ولكن لا يجوز له أن يتعمد الإفطار بتلك الحجة، ومن أفطر في رمضان عمداً من غير عذر شرعي فإنه تلزمه التوبة إلى الله تعالى والقضاء.

ولم يبين لنا السائل هل أفطر بأكل أو شرب أو جماع، فإن كان قد أفطر بغير جماع فتلزمه التوبة مع قضاء ذلك الأيام، وأما الإطعام فإنه لا يجزئ عن القضاء، ولا يلزمه الإطعام إلا إذا أخر القضاء حتى دخل رمضان آخر فيلزمه الإطعام عن كل يوم أخره، والإطعام حينئذ لأجل تأخير القضاء لا لأجل الفطر، وإن كان قد أفطر بجماع فتلزمه -مع التوبة والقضاء- الكفارة، وهي على الترتيب - لا على التخيير عند الجمهور- عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.

ولا تبرأ ذمتك في الإطعام بدفع المبلغ لشخص وتوكيله، وأنت تعلم أنه ليس أميناً ولا صادقاً؛ لأنك تبقى في شك من أنه أطعم عنك، والأصل أن ذمتك مشغولة بالإطعام فلا تبرأ بمجرد الشك، وربما أخذ المال ولم يفعل ما أوكلته إليه.

قال العلامة ابن مفلح الحنبلي في الفروع: ويجوز التوكيل في إخراج الزكاة ولا بد من كون الوكيل ثقة.

وانظر في ذلك الفتوى رقم: 112418 عن من أفطر أياماً من رمضان لا يدري عددها، وانظر الفتوى رقم: 10327، والفتوى رقم: 18462 وكلاهما عن حكم مخالطة المشركين والإقامة في بلاد الكفر، والفتوى رقم: 114339 والفتوى رقم: 1104 عن الإفطار بجماع وبغير جماع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني