السؤال
صلى بنا الإمام صلاة العشاء وجلس عند الركعة الثالثة وسلم، فتكلم معه المصلون بذلك فقام وأعاد صلاة العشاء فأنكرت عليه محتجا بالحديث المعروف، علماً بأن الإمام لم يقم من مجلسه والكلام الذي دار بعد التسليم كان حول توضيح الأمر للإمام؟
صلى بنا الإمام صلاة العشاء وجلس عند الركعة الثالثة وسلم، فتكلم معه المصلون بذلك فقام وأعاد صلاة العشاء فأنكرت عليه محتجا بالحديث المعروف، علماً بأن الإمام لم يقم من مجلسه والكلام الذي دار بعد التسليم كان حول توضيح الأمر للإمام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان الواجب على هذا الإمام أن يقوم لقضاء الركعة التي نسيها ثم يسجد سجدتي السهو بعد السلام إن لم يكن تعمد الكلام، فإن كان كلم المصلين معتقداً أن صلاته قد تمت فلا شيء عليه، لأن كلام الناسي والجاهل لا يبطل الصلاة على الراجح من قولي أهل العلم، وأما من تعمد تكليمه من المصلين لإخباره بأنه قد بقيت عليه ركعة فإن صلاته تبطل عند الجمهور القائلين بأن الكلام عمداً يبطل الصلاة ولو كان لمصلحتها. وعند المالكية أن الكلام اليسير لإصلاح الصلاة لا يبطلها، واستدلوا على ذلك بحديث ذي اليدين الذي أشرت إليه، وأجاب عنه الجمهور بما ذكره الحافظ في الفتح وعبارته: واستدل به- أي بخبر ذي اليدين- على أن تعمد الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها، وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم لم يتكلم إلا ناسياً، وأما قول ذي اليدين له بلى قد نسيت وقول الصحابة له صدق ذو اليدين فإنهم تكلموا معتقدين النسخ في وقت يمكن وقوعه فيه فتكلموا ظنا أنهم ليسوا في صلاة كذا قيل وهو فاسد لأنهم كلموه بعد قوله صلى الله عليه وسلم: لم تقصر، وأجيب بأنهم لم ينطقوا وإنما أومأوا كما عند أبي داود في رواية ساق مسلم إسنادها وهذا اعتمده الخطابي، وقال حمل القول على الإشارة مجاز سائغ بخلاف عكسه، فينبغي رد الروايات التي فيها التصريح بالقول إلى هذه وهو قوي لكن يبقى قول ذي اليدين بلى قد نسيت، ويجاب عنه وعن البقية على تقدير ترجيح أنهم نطقوا بأن كلامهم كان جواباً للنبي صلى الله عليه وسلم وجوابه لا يقطع الصلاة. انتهى منه مختصراً.
والحاصل أنه لم يكن يجوز لهذا الإمام أن يقطع الصلاة لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. بل كان عليه المبادرة بالقيام إلى الركعة التي بقيت عليه فور إخبار المأمومين له بذلك، وأما من تعمد الكلام معه لإخباره بالخلل الذي وقع في الصلاة فكان عليهم أن يستأنفوا صلاة جديدة عند الجمهور فيدخلون معه فيما بقي من صلاته ثم يتمون صلاتهم بعد سلامه، وعند المالكية أن صلاتهم صحيحة ولا يلزمهم شيء لما قدمناه، أما وقد أعادوا الصلاة فقد برئت ذممهم جميعاً وأجزأتهم صلاتهم الثانية.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني