الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأحق بالولاية في النكاح إذا استوى الأولياء في الدرجة

السؤال

أنا فتاة يتيمة الأب ولي إخوة، في الفترة الأخيرة ارتبطت بشاب خلوق قصد الزواج، وهو يدرس معي لكن أمي رفضت ذلك لسبب، وهو أنه أخطأ في حقي عديد المرات مع العلم أنها لا تعرف خصاله الجيدة بالمرة. هل طاعتها واجبة. وهل تعتبر ولية أمري؟ أم أن إخوتي لهم النصيب الأوفر كولي أمر في تزويجي وهم الذين يقررون ذلك. وإذا خالفت أمي في هذا الأمر هل يعتبر عقوقا لها. أستحلفكم بالله أن تجيبوني لأني في قمة الحيرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما علاقتك بهذا الشاب فهي علاقة محرمة، ولا يسوغها ما تذكرين من قصد الزواج منه، فواجب عليك أن تبادري بقطع هذه العلاقة والتوبة إلى الله منها، وإن كان اعتراض أمك على هذه العلاقة فهو اعتراض في محله، وواجب عليك طاعتها في ذلك، وإلا جمعت بين معصية الله وعقوق الأم. وراجعي حكم هذه العلاقات بين الرجال والنساء في الفتاوى التالية: 121135، 121866، 3672.

وإن كان هذا الشاب جادا في الزواج منك فعليه أن يتقدم لخطبتك من وليك، فهذا هو الطريق الشرعي للزواج بالمرأة.

ولم نتبين مقصودك من قولك إنه أخطأ في حقك عدة مرات، لكنا على كل حال نقول: الظاهر أن اعتراض أمك على الزواج من هذا الرجل ليس لمجرد الهوى، ولكن لأسباب تراها؛ لذا فالواجب عليك طاعتها في ذلك؛ لأن طاعة الوالدين في المعروف واجبة. وراجعي الفتوى رقم: 18767.

مع التنبيه على أن إخوتك هم أولياؤك في النكاح، فيتولى عقد الزواج أحدهم، وينبغي تقديم الأورع منهم، فإن استووا في ذلك، فإن تراضوا فيما بينهم على تقديم أحدهم فبها ونعمت، وإن تشاحوا واختلفوا فيمن يلي العقد، فذهب فريق من العلماء المالكية إلى أن الأمر يرد إلى الحاكم لينظر في تقديم أحدهم، فإن لم يكن حاكم أقرع بينهم.

جاء في الشرح الكبير للدردير: وإن تنازع الأولياء المتساوون درجة كإخوة أو بنيهم أو أعمام (في) تولي (العقد) مع اتفاقهم على الزوج بأن قال كل منهم: أنا الذي أتولاه نظر الحاكم فيمن يتولاه منهم. انتهى.

وجاء في الكافي لابن عبد البر: فإن كان الأولياء في التعدد سواء كان أولاهم بذلك أفضلهم، فإن استووا في الدرجة والفضل وتشاحوا نظر الحاكم في ذلك فما رآه سدادا ونظرا أنفذه. انتهى.

وجاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: وإن تنازع (متساوون ) في الرتبة والفضل كإخوة كلهم علماء ( نظر الحاكم ) فيمن يقدمه ( إن كان ) حاكم ، ( وإلا ) يكن ( أقرع ) بينهم. انتهى.

وهذا كله محله ما إذا لم تعين المرأة أحدهم لتولي العقد، فإن عينت فلا كلام لغيره عندهم , جاء في حاشية الدسوقي: وأما لو عينت واحدا من الإخوة مثلا فلا كلام لغيره من بقية الإخوة ولا يسوغ له منازعته. انتهى.

وذهب فريق آخر من العلماء إلى أن الأولى تقديم الأخ الأكبر على غيره.

جاء في المغني لابن قدامة: إذا استوى الأولياء في الدرجة كالإخوة وبنيهم والأعمام وبنيهم فالأولى تقديم أكبرهم وأفضلهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما تقدم إليه محيصة وحويصة وعبد الرحمن بن سهل فتكلم عبد الرحمن بن سهل وكان أصغرهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كبر كبر. أي قدم الأكبر قدم الأكبر فتكلم حويصة، وإن تشاحوا ولم يقدموا الأكبر أقرع بينهم؛ لأن حقهم استوى في القرابة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد السفر أقرع بين نسائه لتساوي حقوقهن كذا ههنا. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني