الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مؤذن يقع في بعض المخالفات فما العمل؟

السؤال

لدينا مؤذن لا يجيد الآذان ويصلي بالناس في غياب الإمام ـ الذي بدوره يتغيب كثيراً ـ ومشكلة هذا المؤذن أنه لا يحسن القراءة بالقواعد ويكثر المد في غير محله وحين انتهاء الصلاة يسارع إلى قفل أبواب المسجد ويمنع المتأخرين من أداء الصلاة، وأحيانا أذهب إلى مسجد آخر لأصلي وأجدهم قد أنهوا الصلاة وبهذا أكون قد فاتتني صلاة الجماعة، ولم أعد أتحمله، ومشكلتي: أنني أغتابه بين الناس وهم أيضا لا يتحملونه، وفي الليل أجد بعض السكارى يشربون الخمر قرب باب المسجد، وبما أن المسجد قرب السوق عندنا يأتي التجار بالروائح الخبيثة كرائحة الدجاج والسمك ثم يصلون وكذلك المدخنين يصلون بجانبي مما يفقدني خشوعي.
أرجو إمدادي بالحل المناسب، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان قولك عن المؤذن إنه لا يجيد الأذان تعني به أنه يلحن في أذانه لحنا يحيل المعنى فأذانه غير صحيح وأما إذا كان يلحن لحنا لا يحيل المعنى أو لا يلحن أصلاً، وإنما ينقصه حسن الصوت ونحو ذلك، فأذانه صحيح. وراجع الفتوى: 36609 .

وأما خطؤه في القراءة، فإن كان لا يلحن في الفاتحة لحنا يحيل المعنى كأن كان لا يبدل حرفاً بحرف فيها، وكذا إن كان لا يعتمد لحنا يحيل المعنى في غير الفاتحة فصلاته والصلاة خلفه صحيحة، وانظر الفتوى رقم: 13127وقد بينا حكم الاقتداء بمن يلحن لحناً مبطلاً في الفتوى رقم: 113626 ، فراجعها، وانظر الفتوى رقم: 23898.

والذي ننصحك به هو أن تناصح هذا الإمام في أن لا يتغيب عن الصلاة وأن يحرص على أداء وظيفته على وجهها ـ إن كان إماماً راتباً ـ وعليك أيضاً بمناصحة هذا المؤذن وأن تبين له ما يقع فيه من الأخطاء في القراءة والأذان بأسلوب طيب مهذب، وعليك أن تناصحه أنت والمصلون في المسجد بأن لا يتعجل في غلق المسجد بعد الصلاة مباشرة، لئلا يضر ذلك بمن تأخر عن إدراك الجماعة، وعليه أن لا يمنع المتأخرين من أداء الصلاة في المسجد، لئلا يكون ممن يمنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه.

وأما اغتيابك له، فإنه محرم فعليك أن تتوب إلى الله من هذا الذنب العظيم، فقد قال الله تعالى: وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ { الحجرات:12}.

وخير لك من غيبته أن تناصحه في الله عز وجل وتبين له أخطاءه بلين ورفق عسى أن يستجيب ـ إن شاء الله ـ وأما السكيرون الذين يشربون الخمر قرب المسجد، فإن استطعت أن تنهاهم عن المنكر فافعل، وإلا فأنت غير مؤاخذ بما يقترفونه من الإثم، وأما ذووا الروائح الكريهة من التجار وغيرهم فعليك أن تبين لهم وجوب اجتناب أذية المصلين بالروائح الكريهة وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من أكل ثوماً أو بصلاً باعتزال المسجد وعلل ذلك بأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وعليك أن تبين للمدخنين حرمة التدخين وأن على جميع هؤلاء أن يزيلوا تلك الروائح الخبيثة من أفواههم، لئلا يؤذوا إخوانهم، فإن لم يستطيعوا فعليهم أن يجتنبوا المسجد، وأما أنت فلا تترك الجماعة في المسجد، فإن فضلها عظيم وقد أوجبها بعض أهل العلم، وانظر الفتوى رقم:94365، وإن كان الراجح عندنا أن الجماعة في غير المسجد مجزئة مسقطة للواجب، وانظر الفتويين رقم: 124852، ورقم: 125671.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني