الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

منذ ثلاثة أيام حدثت مشكلة بسيطة بين ولدي وزوجي وليس لي دخل فيما حدث، لكن زوجي أقسم بالطلاق أن
لا يدخل ولدي البيت ولا يخطو خطوة واحدة إلى أن يعود هو ـ أي زوجي ـ وظل يردد هذا القسم وهو منفعل جداً وأنا أعلم جيداً أن قصده ليس الطلاق، وإنما إطاعة أوامره ـ المهم تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ـ حيث كنت حريصة جداً أن لا يدخل ولدي للبيت حتى عودة والده، ولكنه دخل على غفلة مني ومشى إلى وسط الدار وأول ما أحسست بوجوده ـ فوراً وبلا مقدمات ـ أخرجته من البيت، علما أن زوجي سأل شيخا وقال له إن هذا يعتبر قسما ولا يعتبر الطلاق واقعا ويتوجب عليه دفع كفارة يمين، ولكن زوجي أقسم مثل هذا القسم قبل هذه الحادثة مرتين أو ثلاث مرات ـ أي أنه كان يقسم بالطلاق إذا حدث هذا الشيء فأنت طالق وكان يحدث هذا الشيء رغما عني ـ وسؤالي هو: هل أعتبر طالقا منه؟ أم يجوز الرجوع له؟ أم ماذا أفعل؟.
فأفيدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجمهور أهل العلم ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ على وقوع الطلاق المعلق عند حصول المعلق عليه وهو القول الراجح الذي نفتي به، وبناء على ذلك، فمن علق طلاق زوجته على عدة أشياء ثم حنث فيها أو في بعضها تعدد عليه الطلاق بعدد أيمانه التي حنث فيها، وذلك مثل قوله لزوجته ـ إن دخلتُ الدار فأنت طالق ثم يدخلها، وإن كلمتك فأنت طالق ثم يكلمها، وإن أعطيتك كذا فأنت طالق ثم يعطيها ـ فتلزمه ثلاث، ففي المدونة للإمام مالك: قلت: أرأيت إن قال رجل لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق، أو إن أكلت أو شربت أو لبست أو ركبت أو قمت أو قعدت فأنت طالق ونحو هذه الأشياء؟ أتكون هذه أيماناً كلها؟ قال: نعم. انتهى.

ووقوع الطلقة الثانية مشروط بكونها قد وقعت على الزوجة وهي في عصمة زوجها أو في عدة طلاقه الرجعي فإن انقضت عدتها ولم يراجعها فقد بانت منه ولا يلحقها طلاق إذا حصل الحنث بعد العدة، وما تحصل به الرجعة تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30719.

والعدة تنتهي بطهر الزوجة من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو مضى ثلاثة أشهر ـ إن كانت لا تحيض ـ أو وضع حملها إن كانت حاملاً، وينطبق التفصيل المتقدم على وقوع الطلقة الثالثة أيضاً، وطلاق الغضبان يقع إذا لم يشتد غضبه بحيث يعي ما يقول، فإن كان لا يعي ما يقول فلا شيء عليه، كما تقدم في الفتوى رقم: 35727.

وعليه، فإذا كان زوجك قد لزمته ثلاث طلقات فقد حرمت عليه ولا تحلين له حتى تنكحي زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقك بعد الدخول، وإن كان قد لزمه أقل من ثلاث فله مراجعتك قبل تمام العدة، وإخراجك للولد من البيت فوراً لا يمنع الطلاق طالما أن زوجك قد حلف أن لا يدخل البيت ولا يخطو خطوة واحدة، اللهم إلا أن يكون لحلفه سبب وقد زال قبل حصول الحنث، كأن يكون سبب حلفه هو كون ولده منحرفاً مثلاً، فإذا زال إنحراف الولد، فإن زوجك لا يحنث بدخوله البيت بعد ذلك، وإن كان زوجك لا يقصد طلاقاً وقت اليمين فتلزمه كفارة يمين عند شيخ الإسلام ابن تيمية، ولعل فتوى الشيخ المذكور قد اعتمدت على هذا القول، وراجعي الفتوى رقم: 19162.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني