الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تعددت أقوال الفقهاء في حكم قراءة الحائض للقرآن, وكذا في حكم دخولها المسجد على تفاصيل كثيرة مبثوثة في مظانها من كتب الفقه, ونقول باختصار: أما قراءتها للقرآن: فقد اختلف الفقهاء في حكم قراءة الحائض للقرآن، فذهب جمهور الفقهاء ـ الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ـ إلى حرمة قراءتها للقرآن، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن.
واختار ابن تيميّة: أنّه يباح للحائض أن تقرأ القرآن إذا خافت نسيانه، بل يجب، لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب.
وذهب المالكيّة: إلى أنّ الحائض يجوز لها قراءة القرآن في حال استرسال الدّم مطلقاً ـ كانت جنباً أم لا خافت النّسيان أم لا ـ وأمّا إذا انقطع حيضها، فلا تجوز لها القراءة حتّى تغتسل ـ جنبًا كانت أم لا ـ إلاّ أن تخاف النّسيان.
هـ مختصرا من الموسوعة الفقهية.
وهذا في القراءة من غير مس للمصحف, وأما مس المصحف فقد اتفق الفقهاء في الجملة على أنّه يحرم على الحائض مسّ المصحف، لقوله تعالى: لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ { الواقعة:79}.
ولما روى عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أنه كتب إلى أهل اليمن كتاباً، وفيه: لا يمسّ القرآن إلاّ طاهر.
واستثنى المالكيّة من ذلك المعلّمة والمتعلّمة، فإنّه يجوز لهما مسّ المصحف.
وأما دخول الحائض للمسجد فقد: اتّفق الفقهاء على حرمة اللّبث في المسجد للحائض، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لا أحلّ المسجد لحائض ولا جنب.
ويندرج فيه الاعتكاف، واتّفقوا على جواز عبورها للمسجد دون لبث في حالة الضّرورة والعذر،لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أمر عائشة أن تناوله الخمرة من المسجد، فقالت إنّها حائض، فقال حيضتك ليست بيدك.
ويرى الحنفيّة والمالكيّة: حرمة دخولها المسجد مطلقاً ـ سواء للمكث أو للعبور ـ واستثنى الحنفيّة من ذلك دخولها للطّواف.
وذهب الشّافعيّة والحنابلة: إلى حرمة مرورها في المسجد إن خافت تلويثه، فإن أمنت تلويثه، فقد ذهب الشّافعيّة إلى كراهة عبورها المسجد، ومحلّ الكراهة إذا عبرت لغير حاجة، ومن الحاجة المرور من المسجد، لبعد بيتها من طريق خارج المسجد وقربه من المسجد.
وذهب الحنابلة إلى أنّها لا تمنع من مرورها في المسجد حينئذ.
مختصرا من الموسوعة الفقهية.
وسرد أدلة كل فريق على قوله يطول به المقام، ومن أراد معرفتها فليرجع إلى مظانها من كتب الفقه.
والله أعلم.