الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترك أداء الصلاة جماعة لأجل العمل

السؤال

أنا أشتغل في بلد غربي أصلي الظهر والعصر جالسا أثناء العمل والمسجد يبعد عن مكان عملي ثلاثين دقيقة، بالتالي فإني أقضي زهاء الساعة والنصف إذا ما ذهبت لأداء الصلاتين، فما حكم ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كنت تصلي هاتين الصلاتين جالساً مع قدرتك على القيام فإن صلاتك هذه لا تصح، فإن الصلاة قاعداً لا تجوز إلا عند العجز عن القيام، لقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً. أخرجه البخاري. قال النووي رحمه الله في المجموع: القيام في الفرائض فرض بالإجماع لا تصح الصلاة مع القادر عليه إلا به حتى قال أصحابنا لو قال مسلم أنا أستحل القعود في الفريضة بلا عذر أو قال القيام في الفريضة ليس بفرض كفر إلا أن يكون قريب عهد بإسلام. انتهى.

ومن ثم فالواجب عليك إعادة جميع ما صليته من صلوات قاعداً مع القدرة على القيام إن كان هذا قد وقع منك فإن تلك الصلوات دين في ذمتك لا تبرأ إلا بقضائها وفي المسألة خلاف، راجعه في الفتوى رقم: 125226.

وأما إن كان مقصودك مجرد الإخبار عن كونك تصلي في العمل، أو كان لك عذر يبيح الصلاة قاعداً.. فاعلم أن الراجح هو وجوب صلاة الجماعة على الأعيان، فإذا لم يكن لك عذر يبيح ترك الجماعة وجب عليك شهودها إذا كنت تسمع النداء، لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه أبو داود.

وإذا صليت الجماعة في مكان عملك أجزأك ذلك وسقط عنك الإثم على الراجح فإن المسجد ليس شرطاً في الجماعة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 128394، وإن كان لك عذر يبيح لك ترك الجماعة كأن كنت أجيراً لحفظ مال يخشى ضياعه أو عمل يخاف عليه الفساد إذا ذهبت إلى المسجد أو منعك المستأجر الذهاب إلى المسجد فلا حرج عليك في ترك الجماعة إذاً، قال في كشاف القناع في عد الأعذار المبيحة لترك الجمعة والجماعة: أو خائف من (ضرر فيه) أي ماله (أو في معيشة يحتاجها أو أطلق الماء على زرعه أو بستانه يخاف إن تركه فسد أو كان مستحفظاً على شيء يخاف عليه) الضياع (إن ذهب وتركه كناطور بستان ونحوه) لأن المشقة اللاحقة بذلك أكثر من بل الثياب بالمطر الذي هو عذر بالاتفاق. انتهى.

ونص بعض العلماء على أن الأجير يترك الجماعة إلا إن أذن له المستأجر أو كان شرط ذلك عند العقد، قال في مطالب أولي النهى: (ويتجه باحتمال) قوي أن للأجير الخاص فعل الصلاة (جماعة) لكن قال المجد: ظاهر النص أنه يمنع من خصوص الجماعة إلا بإذن أو شرط. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني