الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطهارة للطواف أبرأ للذمة والأدلة التي استند عليها من لم يوجبها

السؤال

أليس لا اجتهاد مع نص. قرأت الفتوى رقـم 130261 ، علما بأني لست صاحب الفتوى لكن استغربت من قول شيخ الإسلام ابن تيمية ووافقه الشيخ العثيمين من أن الطواف لا يشترط له الطهارة لأنه يوجد حديث الطواف صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام لماذا لم يأخذ بهذا الحديث هل سنده ضعيف؟ من فضلك أريد أن أعرف لماذا هذا الحديث لم يأخذه فى الاعتبار كلا الشيخين. وهل نص الحديث صحيح أم الطواف بمنزلة الطواف؟ لذلك ظهر الخلاف في الطهارة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فشكر الله لك حرصك على تحري الدليل وتعظيمك للسنة، ولكننا نحب أن نبين لك أن أحدا من العلماء لا يخالف حديثا مرويا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا لموجب اقتضى ذلك عنده، كأن يكون الحديث غير ثابت عنده وإن ثبت عند غيره، أو يثبت الحديث عنده ويكون عنده معارض أرجح منه، أو يعتقد نسخه أو غير ذلك من وجوه التأويل التي بينها العلماء، وراجع في ذلك رفع الملام عن الأئمة الأعلام لشيخ الإسلام رحمه الله، وأما بخصوص مسألتك فإن الراجح عندنا هو أن الطهارة شرط في صحة الطواف وهو قول الجمهور، كما رأيته في الفتوى المشار إليها وغيرها من الفتاوى.

ونحن نبين لك ما اعتمد عليه شيخ الإسلام في أن الطهارة مستحبة للطواف وليست بواجبة فنذكر لك طرفا من كلامه في المسألة، قال رحمه الله: والذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم حجة أصلا فإنه لم ينقل أحد عن النبي لا بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه أمر بالوضوء للطواف مع العلم بأنه قد حج معه خلائق عظيمة وقد اعتمر عمرا متعددة والناس يعتمرون معه فلو كان الوضوء فرضا للطواف لبينه النبي بيانا عاما ولو بينه لنقل ذلك المسلمون عنه ولم يهملوه ولكن ثبت في الصحيح أنه لما طاف توضأ وهذا وحده لا يدل على الوجوب فإنه قد كان يتوضأ لكل صلاة وقد قال إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر فيتيمم لرد السلام وقد ثبت عنه في الصحيح أنه لما خرج من الخلاء وأكل وهو محدث قيل له ألا تتوضأ قال ما أردت صلاة فأتوضأ فدل على أنه لم يجب عليه الوضوء إلا إذا أراد صلاة وأن وضوءه لما سوى ذلك مستحب ليس بواجب، والحديث الذي يروى الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير قد رواه النسائي وهو يروى موقوفا ومرفوعا وأهل المعرفة بالحديث لا يصححونه إلا موقوفا ويجعلونه من كلام ابن عباس لا يثبتون رفعه وبكل حال فلا حجة فيه لأنه ليس المراد به أن الطواف نوع من الصلاة كصلاة العيد والجنائز ولا أنه مثل الصلاة مطلقا فإن الطواف يباح فيه الكلام بالنص والإجماع ولا تسليم فيه ولا يبطله الضحك والقهقهة ولا تجب فيه القراءة باتفاق المسلمين فليس هو مثل الجنازة فإن الجنازة فيها تكبير وتسليم فتفتح بالتكبير وتختم بالتسليم وهذا حد الصلاة التي أمر فيها بالوضوء كما قال مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم والطواف ليس له تحريم ولا تحليل وإن كبر في أوله فكما يكبر على الصفا والمروة وعند رمي الجمار من غير أن يكون ذلك تحريما ولهذا يكبر كلما حاذى الركن انتهى.

وقد أطال الكلام في هذه المسألة في غير موضع من تصانيفه المباركة، واستدل لمذهبه بما يدل على قوة عارضته وجودة استنباطه رحمه الله، وتكلم الشيخ العثيمين رحمه الله على هذه المسألة بشيء من البسط في الشرح الممتع فانظره إن شئت، وعلى كل فمذهب الجمهور أحوط وأبرأ للذمة، وأما لفظ الحديث فهو كما مر بك في كلام شيخ الإسلام رحمه الله.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني